الأحد، 24 مايو 2015

المبادئ النفسية التربوية المستنبطة من الكتاب والسنة دراسة تأصيلية


 المبادئ النفسية التربوية المستنبطة من الكتاب والسنة دراسة تأصيلية                               
كتبها العبد الفقير لربه محمد علي أحمد العُمري
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴾﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾(سورة الشمس آية رقم 7-10)
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «رَجُلٌ مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ، وَمَالِهِ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ امْرُؤٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ، يَعْبُدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ» (سنن ابن ماجه باب الورع والتقوى الجزء 2 ص 1409)

المقدمة 
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.
إن موضوع علم النفس والتربية وتأصيلهما شرعا من المواضيع المهمة خاصة في زمننا الحاضر لأن المسلم يعتقد اعتقادا جازما لا يخالطه شك ولا ريب بأن الإسلام دين شامل لتربية النفوس، وما جاء إلا بما فيه خيري الدنيا والآخرة. وإنه صالح لكل مكان وزمان.  والله تعالى هو الأعلم بما ينفع عباده وما يضرهم يقول الله تعالى﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾. (سورة تبارك آية رقم 14) 
يشاهد الآن كثرة الامراض النفسية والمشاكل التربوية بسبب البعد عن الله تعالى ومنهاجه القويم، وكثرة المتغيرات الثقافية. ولكن للآسف ابتعد كثير من المسلمين عن الوحي والنور في العلاج ولجوؤهم الى الطب النفسي الغربي. والمناهج التربوية الغربية الحديثة. مع ثبوت فساد تلك المناهج وخلوها من العنصر الاخلاق والايمان. آلا أننا نجد من يتمسك بها. ومن الأسباب التي جعلت القانعين بها هو عدم معرفتهم بالنور والهدى التي احتوته الشريعة الغراء. 
وقد أجاد الجليند في وصفه للنفس البشرية في كتابه الوحي والانسان إن هناك فارقا كبيرا بين علاج الأعراض وعلاج الأمراض ذاتها، إن النفس الإنسانية أحد مواطن التحدي والإعجاز في الكون كله. ولقد أقسم القرآن بها لأهميتها، ولما فيها من مواطن الإعجاز ودقة الصنعة. (الجزء 1 ص 220)
ليس الخطأ استخدام أي وسلة تربوية ما لم تكن تتعارض مع المبادئ الشرعية أو الارتكاز على مناهج تربوية مخالفة لفطرة البشر وثوابت الأمة والعلاج بأي شيء ما فيه محظوراً شرعي جائز. ولكن قد يكون في العلاج به بعض المخالفات الشرعية وبعض مرتكزاته تخالف الدين وقد استبعد علم النفس الحديث النفس ذاتها من دراساتهم وقصروا دراستهم على السلوك الذي يمكن ملاحظته وقياسه دون النفس ونادى بعضهم بتغيير اسم علم النفس إلى علم السلوك مما أدى الى دراسة الانسان دراسة غير واعية ولا شاملة لتساؤلات على حقيقة الانسان وعن علاقة الانسان بخالفه تعالى. مما يتوجب على علماء المسلمين التأصيل الشرعي لهذا العلم. وهو كما عرفه (الفاروقي) صياغة العلم في ضوء الإسلام. أي ان يقوم بناء هذا العلم على نهج الاسلام.
فمعرفة المبادئ النفسية والتربية المستنبطة من القران والسنة ومعرفة ما توصلت اليه البشرية من المبادئ نجد أن هناك مبادئ عامة قد أتت بها الشريعة فيها صلاح للبشرية وبها يستنير المسلم المتخصص في الجانب التربوي والنفسي. فالتربية النفسية تؤدي الى الصحة النفسية وأيضا معرفة ذلك يجعلنا نقوم ما وصلت اليه تلك العلوم من حيث القبول او الرد وفق منهج رباني.
أهمية البحث في المبادئ النفسية والتربوية المستنبطة من القرآن الكريم والسنة المطهرة.
   مما يشاهد الآن في حال البشرية التي ابتعدت عن منهج الإسلام في التربية النفسية يلحظ تخبطات أدت الى الانتحار وتعسهم ولو تأمل الحاذق المتبصر للإحصائية المقدّمة من منظمة الصحة العالمية لنسبة الانتحار حسب البلد الأول ليتوانيا الثاني بيلاروسيا الثالث روسيا الرابع كازاخستان الخامس المجر السادس غويانا السابع سلوفينيا الثامن لاتفيا التاسع اليابان العاشر الجنوبية كوريا الجنوبية ولا يوجد من هذه الدول أي دولة إسلامية بل وليس من ضمن الثمانين الدول المتقدمة في شيوع الانتحار عندهم الانتحار العدد (1105) أرشيف المقالات. http://www.aleqt.com/2011/04/29/article_532582.html
ويرجع ذلك الى التفسيرات المشوهة للنفس البشرية والفلسفات التي تنظر وتخدم أيدولوجيات سياسية أو اقتصادية نبعت منها أخرجت الناس من فطرهم التي فطر الله تعالى الناس عليها. وتبنت كثيرا من مؤسساتنا التربوية والنفسية في العالم الإسلامي تلك المبادئ والنظريات على أنها ثوابت من غير أن تعلم ما يصلح لها وما يضرها إما بالتقليد الأعمى لنظريات التربوية والنفسية وإما بالتفسير الناقص للإسلام فكان مما يجب على الدارسين والمهتمين بالشأن التربوي والنفسي والعلوم الإنسانية بشكل عام النظر في الشرع واستخلاص مبادئ ونظريات متوافقة مع الدين وهذا الأمر ضروري فيجب على المسلم أن يبني العلوم جميعا على منهج الإسلام.
موضوع البحث وحدوده:
البحث في المبادئ النفسية والتربوية المستنبطة من الوحيين اقتصرت على المبادئ المشتركة بينهما ومن هذا الالتزام يجعل البحث مقتصر على مصادر التشريع المختصة بالمبادئ والتأصيل
منهج البحث:
منهج البحث استنباطي تحليلي. يقول التويم (1432) إذا ما اعمل فكر في الظاهرة سواء أكانت إنسانية أم طبيعية أن يستنتج العوامل المتسببة فيها.
والمنهج التحليلي يقوم على التجزئة ودراسة كل جزء دراسة خاصية. ومعرفة ذلك الجزء كعرفة تامة والنظر في الترابط بين الجزء والكل. 
أهداف البحث:
1-استنباط المبادئ النفسية التربوية من الكتاب والسنة وما دلت عليهما 
2-التعرف على أهداف التربية النفسية في الإسلام
3-بيان التطبيقات التربوية النفسية في الواقع
تساؤلات البحث: 
سؤال رئيسي ما هي المبادئ التربوية والنفسية المستنبطة من الكتاب والسنة؟
ويتفرع عن ذلك السؤال سؤالين هل تلك المسميات ومدلولها المعاصر موجود في الإسلام؟
هل يجب الأخذ بها جميعا أو التخيير منها؟ 
المصطلحات في البحث:
فالمقصد من المبادئ المستنبطة / يقصد بها كليات الشريعة التي هي ليست محل لخلاف معتبر ومستنبطة أي أخذ الاحكام منهما عن طريق الاستنباط.
فالنفس تطلق على الروح، ولكن غالب ما تسمى نفساً إذا كانت متصلة بالبدن (بن جبرين http://www.islamweb.net ورقم الجزء رقم الدرس -100 درس)
(يُرَدُّ لفظ التربية من حيث الأصل اللغوي إلى ثلاثة جذور:
الأول (ر ب ب): من قولهم: رَبّبْته: مَتَّنْتُه، وربيته: دهنته وأصلحته، ورَبَّبَها: نماها وزادها وأتمها وأصلحها، ورَبَّه يَرُبُّه: يكفل بأمره، ورباه تربية: أحسن القيام عليه ووليه حتى يفارق الطفولية، وأرب بالمكان: لزمه وأقام به فلم يبرحه.
الثاني (ر ب و): من قولهم: ربا الشيء يربو رُبُوَّا: زاد ونما، ورَبَوْت في بني فلان رُبُوَّا ورَبْوا: نشأت فيهم، ورَبَّيْت فلانا أُربيه تَرْبية أي غذوته وهذا لكل ما ينمى كالولد والزرع ونحوه.
الثالث (ر ب ي): من قولهم: رَبْيت رباء ورُبِيَّا، ورَبِيت أرْبَى رَبا، ومعناها أيضا نشأت فيهم.
ومن هنا يتبين أن مفهوم التربية لغة هو ما يُقصد به: إصلاح الفرد وتهيئته والجماعة تابعة له -حتى يبلغ درجة الاعتماد على نفسه والاستغناء عن غيره. -التنشئة على الصلاح، مع التكفل بحسن القيام به، والتدرج في ذلك.
-المداومة وعدم الانقطاع المتضمن للنماء والزيادة، مع الحفظ والرعاية. وذلك في كل ما يتعلق بالإنسان من جوانبه المتعددة: الروح والقلب والعقل والجسد.
والتربية الإسلامية في معناها الاصطلاحي لا تخرج عما تقدم ذكره في معناها اللغوي، فالتربية عند التربويين المسلمين لا تخرج عن تنشئة الفرد وإعداده على نحو متكامل في جميع الجوانب العقدية والعبادية والأخلاقية، والعقلية والصحية، وتنظيم سلوكه وعواطفه، في إطار كلي يستند إلى شريعة الإسلام، من خلال الطرق والإجراءات التي تقبلها الشريعة. http://www.ahlalhdeeth.com (1432 ملتقى أهل الحديث)
 فمصلح التربية بمعنى التنشئة والتعليم مصطلح أتى به القرآن الكريم فيقول الله تعالى
 ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾فسر القرطبي (1384هـ) وَالرَّبَّانِيُّونَ وَاحِدُهُمْ رَبَّانِيٌّ مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّبِّ. وَالرَّبَّانِيُّ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ، وَكَأَنَّهُ يَقْتَدِي بِالرَّبِّ سُبْحَانَهُ فِي تَيْسِيرِ
فالبحث يتطلع الى معرفة التربية الإسلامية للنفس البشرية التي تؤدي الى الصحة النفسية. فالصحة النفسية كما عرفها مرسي محمد: أن يعيش الانسان على فطرته في قرب من الله تعالى وسلاما من الناس ووئام مع الناس، وسلامة في الجسد، ونجاح في الحياة.  (دار القلم ـ الكويت ص:64)
فهذا المفهوم للصحة النفسية هو ما ينسجم مع الإسلام وهو ذو بعد انساني وشمولي ويشخص العلاج الناجع للإنسان. وهو منفتح لمعطيات العصر.
المبحث الأول
مفهوم التربية النفسية
تعريف النفس وجاء في مجمع اللغة العربية (1989) (لغة: بفتح الفاء وسكون العين) الروح، وخرجت نفسه أي روحه، والنفس الدم، يقال: سالت نفسه، والنفس الجسد، ونفس الشيء أي عينه، وجمعها: أنفس ونفوس.
النفس (بفتح العين) أي الريح تدخل وتخرج من أنف الحي ذي الرئة وفمه حين النفس، ويقال: هذا شاعر أو كاتب طويل النفس: ينقاد له الكلام فيسترسل فيه ويتفنن، ويقال: يعجبني نفس هذا الطاهي: طريقته في تأليف الطعام وطهيه، وجمعها: أنفاس. (ص627)
ذكر الله تعالى النفس في القرآن في مائتين وثمان وتسعين موضعا بالمعاني.
هناك تعريف كثيرة للنفس والذي يعتبر من وجهة نظر المُعد والله اعلم انه أشمل لموضوع بحثه قول ابن جبرين رحمه الله فالنفس تطلق على الروح، ولكن غالب ما تسمى نفساً إذا كانت متصلة بالبدن http://www.islamweb.net ورقم الجزء رقم الدرس -100 درس)
أن ألفاظ النفس والروح والقلب والعقل قد تطلق على معنى واحد: الجوهر القائم بالإنسان من حيث هو حقيقته، وبه يكون التكليف والخطاب من الله تعالى، وهو الحي الفعال المدرك من الإنسان (أنظر: إحياء علوم الدين 3/3 للإمام الغزالي. )
وذكر في ملتقى أهل الحديث (1432هـــ)
     يُرَدُّ لفظ التربية من حيث الأصل اللغوي إلى ثلاثة جذور:
الأول (ر ب ب): من قولهم: رَبّبْته: مَتَّنْتُه، وربيته: دهنته وأصلحته، ورَبَّبَها: نماها وزادها وأتمها وأصلحها، ورَبَّه يَرُبُّه: يكفل بأمره، ورباه تربية: أحسن القيام عليه ووليه حتى يفارق الطفولية، وأرب بالمكان: لزمه وأقام به فلم يبرحه.
الثاني (ر ب و): من قولهم: ربا الشيء يربو رُبُوَّا: زاد ونما، ورَبَوْت في بني فلان رُبُوَّا ورَبْوا: نشأت فيهم، ورَبَّيْت فلانا أُربيه تَرْبية أي غذوته وهذا لكل ما ينمى كالولد والزرع ونحوه.
الثالث (ر ب ي): من قولهم: رَبْيت رباء ورُبِيَّا، ورَبِيت أرْبَى رَبا، ومعناها أيضا نشأت فيهم.
ومن هنا يتبين أن مفهوم التربية لغة هو ما يُقصد به: إصلاح الفرد وتهيئته والجماعة تابعة له -حتى يبلغ درجة الاعتماد على نفسه والاستغناء عن غيره. -التنشئة على الصلاح، مع التكفل بحسن القيام به، والتدرج في ذلك.
-المداومة وعدم الانقطاع المتضمن للنماء والزيادة، مع الحفظ والرعاية. وذلك في كل ما يتعلق بالإنسان من جوانبه المتعددة: الروح والقلب والعقل والجسد.
والتربية الإسلامية في معناها الاصطلاحي لا تخرج عما تقدم ذكره في معناها اللغوي، فالتربية عند التربويين المسلمين لا تخرج عن تنشئة الفرد وإعداده على نحو متكامل في جميع الجوانب العقدية والعبادية والأخلاقية، والعقلية والصحية، وتنظيم سلوكه وعواطفه، في إطار كلي يستند إلى شريعة الإسلام، من خلال الطرق والإجراءات التي تقبلها الشريعة. http://www.ahlalhdeeth.com 
 فمصلح التربية بمعنى التنشئة والتعليم مصطلح أتى به القرآن الكريم فيقول الله تعالى﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾. (سورة آل عمران آية رقم 79) فقد فسر القرطبي (1384هـ) وَالرَّبَّانِيُّونَ وَاحِدُهُمْ رَبَّانِيٌّ مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّبِّ. وَالرَّبَّانِيُّ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ، وَكَأَنَّهُ يَقْتَدِي بِالرَّبِّ سُبْحَانَهُ فِي تَيْسِيرِ
فالبحث يتطلع الى معرفة التربية الإسلامية للنفس البشرية التي تؤدي الى الصحة النفسية. فالصحة النفسية كما عرفها مرسي محمد: أن يعيش الانسان على فطرته في قرب من الله تعالى وسلاما من الناس ووئام مع الناس، وسلامة في الجسد، ونجاح في الحياة.  (دار القلم ـ الكويت ص:64)
أما لو أطلقت التربية النفسية فهي مزيج من فرعين من الفروع الرئيسية للدراسة، التربية وعلم النفس. ومن خلال التعاريف آنفة الذكر فهي الأطر والقواعد والمناهج التي ينمو فيها الصحة النفسية حتى تبلغ كمالها وابعاد النفس عن طريق التنشئة والرعاية عن كل ما يسبب لها ضرر.
 
المبحث الأول
مفهوم التأصيل للعلوم النفسية والتربوية
 
  فعرفه نجاتي (1411هـ):
((نقصد بالتأصيل الإسلامي لعلم النفس إقامة هذا العلم على أساس التصور الإسلامي للإنسان، وعلى أساس مبادئ الإسلام وحقائق الشريعة الإسلامية، بحيث تصبح موضوعات هذا العلم وما يتضمنه من مفاهيم ونظريات متفقة مع مبادئ الإسلام أو على الأقل غير متعارضة معها)) (ص25 – 26).
وأيضا إقامة علم التربية على أساس التصور الإسلامي فلا بد أن يبنى علما التربية وعلم النفس على منهاج الإسلام، وبقية العلوم الإنسانية.
الموقف من التأصيل 
على ثلاثة مذاهب. المذهب الأول المانع والمذهب الثاني التوفيقي المذهب الثالث الوسط والصحيح عملا بالدليل.
المذهب الأول هم الرافضين له وهم أيضا مع رفضهم له على قسمين: 
القسم الأول هم من ينكرون علم النفس الغربي والاكتفاء على ما جاء في الوحيين. 
القسم الثاني الرفض لأنهم يعتقدون أن الدين لا علاقة له بالعلوم النفسية. 
اما من قال الاكتفاء بما جاء في الكتاب والسنة وما دلت عليهما. يقول عز الدين أنهم أولئك الذين لم يدرسوا علم النفس دراسة متخصصة، ولم تسمح لهم ثقافتهم أن يحيطوا بموضوعاته، أو أنهم الذين نظروا في بعض النظريات التي تبنتها بعض مدارس علم النفس ورأوا آثارها السلبية على الشباب بل وعلى المتخصصين فذهبوا إلى انتقاده ورفضه. فنظرتهم نظرة إجمال http://baaqi.blogspot.com/2008/01/4_30.html.
 ويشهد لذلك القول؛ بعد غزوة بدر استفاد المسلمون من المشركين في تعليم أبنائهم القراءة والكتابة.
اما من الذين يرفضون التأصيل لأنهم يعتقدون أن الدين لا علاقة له بعلم النفس 
يقول عز الدين (بتصريف) علماء الغرب أنفسهم فهذا روبرت 
البرفسور ساراسون يؤكد أن البيئة ثؤثر في نظريات علم النفس ويقول: "إن تأثير الجوانب الاجتماعية الحضارية في مادة علم النفس ونظرياته أصبحت جزءاً منه.
ثم يلخص حججهم في أربعة أمور:
قالوا: تدخُّل الدين في هذه العلوم تدخل إيدلوجي في مجال علمي بحت. قال توفيق: 
فالإسلام يقدِّم إطاراً للعلم ويراعي تطوره في هذا الإطار.
قالوا: إن العلم يصحح نفسه بنفسه، ولا حاجة به إلى تدخل الدين. ونقول: إن هذه 
العلوم مبنية على مفاهيم خاطئة تحتاج إلى تصحيح، فمفهوم العلم ومفهوم الإنسان 
فيها بحاجة إلى تصحيح! وعندما تكون الأبحاث منطلقة من هذين المفهومين الخاطئين 
فكيف يصحح نفسه بنفسه؟ ولنفرض أن العلم سيقف في يوم من الأيام على هذه النظرة قالوا: إن العلم يجب أن نأخذه في آخر تطوره كما في البلاد المتقدمة. ونقول: لا تعارض بين مواكبة تطور هذا العلم عند الغرب، وبين تأصيل منهج سليم لذلك، 
هذه العلوم وأنها تتأثر بالفلسفة السائدة في الحضارة التي تنشأ فيها: مدارس علم 
النفس المختلفة، فهناك المدرسة الأشراطية وأبوها (بافلوف) خرج بمبادئ 
في السلوك تبناها وصار لها جذور في الاتحاد السوفيتي، أما في أميركا فالوضع 
يختلف، وفي أوربا نجد المدرسة التحليلية. فهذه مدارس مختلفة لهذا العلم بحسب 
البيئة الاجتماعية التي هي فيها http://baaqi.blogspot.com/2008/01/4_30.html
المذهب الثاني المذهب الثاني التوفيقي وينقسموا الى قسمين:
القسم الأول الإسقاطي يقول الصبيح وهو أن يفسر الباحث نصوص الوحي من خلال مفاهيم ونظريات نفسية حتى وإن كانت غير متفقة معها، فيؤول نصوص الوحي كي تتفق مع المفاهيم النفسية الحديث. http://www.alukah.net/culture/0/380
وهذا يعتبر لوي عنق النصوص حتى تتوافق مع ما يريد مثل ما أشيع اشتراكية الإسلام. 
القسم الثاني الاتجاه المساير وهو الذي يرى ما تم التوصل اليه ومن ثم ذكر نص شرعي يؤيد ذلك على الاطلاق. 
يقول أبو حطب (1413) تجده لا يختلف على علم النفس الغربي الدارج إذا ما حذفت هذه الآيات والأحاديث منه (ص 175)
المذهب الثالث الوسط الموافق مع الدليل وهو الذي يعترف بهذا العلم وأنه خبرة إنسانية وأيضا يوجد به أخطاء فالشريعة الإسلامية هي الضابط وليس المقصود هو التوافق أو التعارض وإنما بناء العلوم في ضوء منهج الإسلام. ويشعر أصحاب هذا العلوم من المسلمين أنهم مسلمون أولا أن هذا التخصص يجب أن يسخر لهذا الدين.
أهمية التأصيل 
مما سبق وعند ذكر الأقوال والراجح منهم تبين لنا أهمية تبرز أهمية الأسلمة عند الفاروقي كما ذكر الشريفين بتصريف (2013)
1- بناء الأمة في الفكر والتصور 
2- العقل والوحي لا يتعارضان ولكن تكون بتوجه الوحي 
3- الأسلمة لا تلغي ما وصل اليه البشرية من العلوم والمعارف بل تسعى للمحافظة عليها وتمحيصها 
4- تسهم الأسلمة في تكوين عقلية منهجية وعلمية (ص 454)
5- وأيضا فيها اثراء للغة العربية 
6- ومرجع للمختصين من المسلمين في تلك العلوم 
أهم الخطوات الإجرائية لمنهج التأصيل
أهم الخطوات الإجرائية لمنهج التأصيل
الخطوة الأولى: أن يكون الباحث متخصصاً في مجال المعرفة التي تؤصلها 
يستطيع أن يدرك من المعاني والألغاز في نصوص القرآن والسنة. فعالم النبات مثلاً يفهم ما يتعلق بعلمه من الآيات والأحاديث المتعلقة بها، وكذلك الأمور في علم الفلك والطب وكذلك في العلوم الاجتماعية.
الخطوة الثانية التمكن من المهارات البحثية على منهج الاسلام وهو المنهج الاستنباطي يقول التويم (1432) إذا ما اعمل فكر في الظاهرة سواء أكانت إنسانية أم طبيعية أن يستنتج العوامل المتسببة فيها.
وينبغي أن يعلم المؤصل أساسيات العلوم من حيث المسلمات، ومن هذه الناحية تصنف إلى ثلاث مجموعات وهي مجموعة العلوم التجريبية والثانية مجموعة الاجتماعية والثالثة مجموعة العلوم الاسلامية. إن مسلمات العلوم التجريبية قائمة على الحقائق التجريبية وهي ثابتة كثبات هذه العلوم. ومسلمات العلوم الاسلامية قائمة على الوحي وهي ثابتة من حيث الأساس. ومسلمات العلوم الاجتماعية وهي قائمة على فرضيات وهي متغيرة باستمرار.
الخطوة الثالثة الالمام بنصوص الوحي وكيفية الاستدلال 
الخطوة الرابعة الرجوع إلى مصادر المعرفة التشريعية الأخرى
وكل ذلك يتعلق بفقه التأصيل إذ الفقه يتعلق بكل تصرفات الانسان القولية والفعلية والتعليم والكتابة والتأليف من النواحي السابقة.
فمثلاً قاعدة الأمور بمقاصدها وفي ضوء مقاصد الشريعة يستطيع الباحث أن يوجه مقاصد تعلم العلوم وتعليمها ودراستها. وعلى رأس تلك المقاصد الضروريات تأصيل نفوس المتعلمين على تحسين المقاصد من التعلم بما طالبهم به الاسلام من التعلم من أجله وتأصيل نفسيه المعلمين ليكون تعليمهم لوجه الله
المبدئ الأول الشارع الحكيم يؤمرنا بالتفكر في النفس البشرية ودراستها
الشارع الحكيم يؤمرنا بدراسة النفس والتفكر فيها.  وقبل ذكر الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة لا بد ان نعرف ان المسلم يعتقد يقينيتها ودقة وصفها لأن مصدرها خالق النفس سبحانه وتعالى. وغاية ذلك أن يتبين لدى المسلم الحق 
أولاً الآيات القرآنية:
الآية الأولى: 
﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾. (سورة يوسف آية رقم 53) 
الآية الثانية: 
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴾. (سورة النازعات آية رقم 40)
الآية الثالثة: 
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾(سورة الفجر آية27)
الآية الرابعة: 
﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾(سورة القيامة آية رقم 577)
الآية الخامسة:
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾
الآية السادسة:
﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ﴾(سورة الروم آية رقم 8)
الآية السابعة:
﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ﴾(سورة فصلت آية رقم 53
ثانيا الأحاديث الشريفة 
الحديث الأول:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ، بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ: عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا فَارْقُدْ - وَقَالَ مَرَّةً: يَضْرِبُ عَلَيْهِ بِكُلِّ عُقْدَةٍ لَيْلًا طَوِيلًا - "، قَالَ: «وَإِذَا اسْتَيْقَظَ، فَذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا تَوَضَّأَ، انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى، انْحَلَّتْ الْعُقَدُ، وَأَصْبَحَ طَيِّبَ النَّفْسِ نَشِيطًا، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانًا» .( مسند الإمام أحمد , مسند أبو هريرة الجزء 12 الصفحة 252) 
الحديث الثاني:
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُنَّ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَإِنَّ النَّفْسَ مُصَابَةٌ، وَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ، وَإِنَّ الْعَهْدَ حَدِيثٌ» قَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ» (مسند الإمام أحمد، مسند أبو هريرة الجزء 13 الصفحة 124
الحديث الثالث:
 الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ» (مسند الإمام أحمد، حديث واصبة بن معبد الأسدي الجزء 26 الصفحة 532)
 
 
الحديث الرابع:
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى اللَّهَ، وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى اللَّهَ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النِّعَمِ» (مسند الإمام أحمد، أحاديث رجال من أصحاب رسول الله الجزء 38الصفحة 238)
الحديث الخامس:
فَصَعَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَوَّبَ فِيَّ النَّظَرَ، فَقَالَ: «الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ [ص:279] الْقَلْبُ، وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ» (مسند الإمام أحمد، حديث اب ثعلبة الخشني الجزء 29الصفحة 278)
تفسير وشرح الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة  
تفسير وشرح الآية الأولى
 ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
عندما تتغلب المعصية على النفس، ويطلق عليها النفس الأمارة بالسوء، لكونها تميل إلى السوء 
وهذه النفس قد استحوذ عليها الشيطان إذا لم يسيطر عليها. ينبغي على العبد المجاهدة والامتثال لأوامر الله تعالى. وبيان الله تعالى لتلك الحقائق حتى يتعرف الانسان على طبائع بعض الانفس ومن ثم يربيها ويتعامل معها وهذا مما ينبغي معرفته للمربي.
في تفسير الطبري شاكر احمد محمد (1420 هـ) يقول رحمه الله ناقلاً عن ابن عباس رضي الله عنهما.
    ، عن ابن عباس قال: لما جمع فرعون النسوة، (قال: أنتن راودتن يوسف عن نفسه؟ ثم ذكر نحوه غير أنه قال: فغمزه جبريل، فقال: ولا حين هممت بها! فقال يوسف: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء). حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي=، عن مسعر، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير قال: لما قال يوسف: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب). قال جبريل، أو مَلَك: ولا يوم هممت بما هممت به؟ فقال: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء). (الجزء 16ص144)
وقال الزمخشري أبو قاسم المحمود (1407ه) في كتابه وهو يهتم بالجانب البلاغي والبياني 
    ثم أراد أن يتواضع لله ويهضم نفسه، لئلا يكون لها مزكيا وبحالها في الأمانة معجباً ومفتخراً، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» «1» وليبين أنّ ما فيه من الأمانة ليس به وحده، وإنما هو بتوفيق الله ولطفه وعصمته فقال وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي من الزلل، وما أشهد لها بالبراءة الكلية ولا أزكيها. ولا يخلو، إمّا أن يريد في هذه الحادثة، لما ذكرنا من الهمّ الذي هو ميل النفس عن طريق الشهوة البشرية لا عن طريق القصد والعزم. وإمّا أن يريد به عموم الأحوال إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ أراد الجنس، أى إنّ هذا الجنس يأمر بالسوء ويحمل عليه بما فيه من الشهوات إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إلا البعض الذي رحمه ربى بالعصمة كالملائكة. ويجوز أن يكون ما رَحِمَ في معنى الزمن، أى: إلا وقت رحمة ربى، يعنى أنها أمّارة بالسوء في كل وقت وأوان، إلا وقت العصمة. ويجوز أن يكون استثناء منقطعاً، أي ولكن رحمة ربى هي التي تصرف الإساءة، كقوله وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلَّا رَحْمَةً وقيل معناه: ذلك ليعلم أنى لم أخنه لأنّ المعصية خيانة. وقيل: هو من كلام امرأة العزيز، «2» أى ذلك الذي قلت ليعلم (الجزء 2ص 480) 
ويقول الرازي محمد عمر (1420 هـ) الطبعة الثالثة في كتابه وهو يهتم بالحكم واللطائف
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَالَ: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ كَانَ ذَلِكَ جَارِيًا مَجْرَى مَدْحِ النَّفْسِ وَتَزْكِيَتِهَا، وَقَالَ تَعَالَى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ، فَاسْتَدْرَكَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي وَالْمَعْنَى: وَمَا أُزَكِّي نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ مَيَّالَةٌ إِلَى الْقَبَائِحِ رَاغِبَةٌ فِي الْمَعْصِيَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ الْبَتَّةَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرُوهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَالَ: أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ بَيَّنَ أَنَّ تَرْكَ الْخِيَانَةِ مَا كَانَ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ وَلِعَدَمِ مَيْلِ النَّفْسِ وَالطَّبِيعَةِ، لِأَنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ وَالطَّبِيعَةَ تَوَّاقَةٌ إِلَى اللَّذَّاتِ فَبَيَّنَ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّ التَّرْكَ مَا كَانَ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ، بَلْ لِقِيَامِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّه تَعَالَى. (الجزء ص470)
 
وقد قال الجوزية ابن القيم (1410 هـ) الطبعة الأولى في تفسيره رحمه الله 
     هذا قد قاله جماعة من المفسرين. وخالفهم في ذلك آخرون أجل منهم وقالوا: إن هذا من قول امرأة العزيز، لا من قول يوسف عليه السلام.  والصواب معهم. (ص 329)
ونرى هنا الخلاف في قوله تعالى (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ ...) هل هي مقولة امرأة العزيز أو يوسف عليه السلام؟ على خلاف بين المفسرين ولكن في الآية دلالة على أن النفس بها غرائز شهوانية وقابلة على فعل السوء إذا لم تمتثل بأمر الله تعالى
وقال ابن كثير محمد بن عمر (1419 هـ) الطبعة الأولى في تفسيره المشهور رحمه الله في تفسير الآية السابقة.
     يَقُولُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْمَلِكِ لَمَّا رَجَعُوا إِلَيْهِ بِتَعْبِيرِ رُؤْيَاهُ الَّتِي كان رآها بما أعجبه وأيقنه، فَعَرَفَ فَضْلَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَعِلْمَهُ وَحُسْنَ اطِّلَاعِهِ عَلَى رُؤْيَاهُ، وَحُسْنَ أَخْلَاقِهِ عَلَى مَنْ بِبَلَدِهِ مِنْ رَعَايَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِهِ أَيْ أَخْرِجُوهُ مِنَ السِّجْنِ وَأَحْضَرُوهُ، فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ بِذَلِكَ امْتَنَعَ مِنَ الْخُرُوجِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْمَلِكُ وَرَعَيَّتُهُ بَرَاءَةَ سَاحَتِهِ وَنَزَاهَةَ عِرْضِهِ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ، وَأَنَّ هَذَا السِّجْنَ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَمْرٍ يَقْتَضِيهِ، بَلْ كان ظلما وعدوانا، فقال:
ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ الآية.
وَقَدْ وَرَدَتِ السَّنَةُ بِمَدْحِهِ عَلَى ذَلِكَ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى فَضْلِهِ وَشَرَفِهِ وَعُلُوِّ قَدْرِهِ وَصَبْرِهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فَفِي الْمُسْنَدِ وَالصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى الآية، ويرحم الله لوطا كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ» » .
وفي لفظ لأحمد «2»: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في قوله: فَسْئَلْهُ مَا بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ أَنَا، لَأَسْرَعْتُ الْإِجَابَةَ وَمَا ابْتَغَيْتُ الْعُذْرَ».
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ عَجِبْتُ مِنْ يُوسُفَ وَصَبْرِهِ وَكَرَمِهِ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْبَقَرَاتِ الْعِجَافِ وَالسِّمَانِ، وَلَوْ كُنْتُ مَكَانَهُ مَا أَجَبْتُهُمْ حَتَّى أَشْتَرِطَ أَنْ يُخْرِجُونِي، وَلَقَدْ عَجِبْتُ مِنْ يُوسُفَ وَصَبْرِهِ وَكَرَمِهِ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ حِينَ أَتَاهُ الرَّسُولُ، وَلَوْ كُنْتُ مَكَانَهُ لَبَادَرْتُهُمُ الْبَابَ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْعُذْرُ» ، هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ إِخْبَارٌ عَنِ الْمَلِكِ حِينَ جَمَعَ النِّسْوَةَ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ عِنْدَ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ مُخَاطِبًا لَهُنَّ كُلَّهُنَّ وَهُوَ يُرِيدُ امْرَأَةَ وَزِيرِهِ، وَهُوَ العزيز، قال الملك للنسوة اللاتي قطعن أيديهن مَا خَطْبُكُنَّ أَيْ شَأْنُكُنَّ وَخَبَرُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ يَعْنِي يَوْمَ الضِّيَافَةِ، قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ أي قالت لنسوة جَوَابًا لِلْمَلِكِ: حَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ يُوسُفَ مُتَّهَمَا، وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ، فعند ذلك . (ص337)
وقال القنوجي محمد صديق خان (1412 هـ) في تفسيره للآية الكريمة " ومجرد الهم لا ينافي العصمة فإنها قد وقعت العصمة عن الوقوع في المعصية وذلك المطلوب " (ص312) 
وقال الناصري محمد مكي (1405 هـ) الطبعة الأولى في تفسيره للآية الكريمة 
     في بداية هذا الربع أورد كتاب الله ضمن ما حكاه من كلام امرأة العزيز اعتذارها الصريح عما أصابها من نزغات الشيطان، إذ قالت: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} فهذا الاعتذار على لسانها، بعد اعترافها ببراءة يوسف مندرج في كلامها، فحكاه كتاب الله في جملة ما حكى من أقوالها. قال ابن كثير: " وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام، وقد حكاه المارودي في تفسيره، وانتدب لنصره الإمام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله، فأفرده بتصنيف على حِدَة "(ص185)
ومما سبق فأن النفس البشرية صاحبة شهوة ورغبة في الدعة والهوى وهذا مما يستفاد من جمع التفاسير بجميع الأنواع. فالمربي إذا عرف ذلك يجب مراعاة المعطيات واللزام النفس بالتدريج وأيضا معرفة الانسان ذلك ضرورة حتى يتعامل مع النفس بما يناسبها ويلزمها طاعة خالقها.
 
 تفسير وشرح الآية الثانية
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴾.
في تفسير الطبري شاكر احمد محمد (1420 هـ) يقول رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة.
     وقوله: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى) يقول: وأما من خاف مسألة الله إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه، فاتقاه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى) يقول: ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه الله، ولا يرضاه منها، فزجرها عن ذلك، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه (ص212)
في تفسير الزمخشري محمود عمرو (1407 هـ) " وَنَهَى النَّفْسَ الأمارة بالسوء عَنِ الْهَوى المردي وهو اتباع الشهوات وزجرها عنه وضبطها بالصبر والتوطين على إيثار الخير "(ص698)
ويقول ابن كثير إسماعيل ابن عمر (1419 هـ) "أَيْ خَافَ الْقِيَامَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَخَافَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ وَنَهَى نَفْسَهُ عَنْ هَوَاهَا وَرَدَّهَا إِلَى طَاعَةِ مَوْلَاهَا "
وتقول الشاطئ عائشة محمد علي(1419هـ) في تفسيرها التفسير البياني للقرآن الكريم لهذه الآية الكريمة 
     في ذكر المقام هنا، مقام ربه، إيحاء بأن الخائف يراقب ربه في كل عمله ومسعاه، عن يقين بأمه واقف بين يدي الله، ماثل في مقامه تعالى، وأيا ما حملنا المقام، على المصدرية أو الزمان أو المكان، ففيه إحضار وشهود، ونظيره في القرآن آيات: {لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ}. {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}. قال أبو حيان: "وفي إضافة المقام للرب تفخيم للمقام وتهويل عظيم واقع من النفوس موقعاً عظيماً".
والهوى الميل، وربما كان أصل استعماله في: هوت العقاب إذا انقضت على فريستها. ومن هذا الإستعمال أخذ الميل، والإنجذاب إلى شيء مرغوب، شراً كان أو خيراً، محموداً أو غير محمود. على أن أكثر استعماله. (ص175)
ويتبين لمن تأمل في تفاسير عدد من العلماء لهذه الآية الكريمة ان النفس البشرية صاحبة هوى وأنها تواقة للشهوة ويجب على المسلم أن يلزمها بالتقوى الله تعالى وعلى المربي ابعاد المتربي عن كثرة الترف وتربيها على الصبر.
تفسير وشرح الآية الثالثة 
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾(سورة الفجر آية27)
هي نفس تحب الطاعة والفعل الصحيح، وتكره الخطأ والاثم وتبتعد عن الوقوع فيها، ولا تشعر بالسعادة إلا بفعل الخير والطاعة لله تعالى، وتوصف هذه النفس بالنفس المطمئنة. والنفس بالإسلام في غاية الاطمئنان النفسي، إذا طاعة خالقها تعالى، وصدق الإيمان بالله تعالى.
  وإن أعلى مرتبه تنالها النفس هي تلك المرتبة، فإذا تحققت النفس بهذه المنزلة فيكون راضياً بما هو عليه يتحلى بالقناعة، وهي منزلة العبودية الخالصة لله رب العالمين، وهي أعلى المراتب.  كما كان حال المصطفى صلى الله عليه وسلم قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» (صحيح البخاري باب يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك الجزء 6 ص 135)
في تفسير الطبري (1420 هـ) يقول رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة.
     قال: التي أيقنت بلقاء الله، وضربت له جأشا. وُذكر أن ذلك في قراءة أُبيّ (يا أيَّتُها النَّفْسُ الآمِنَةُ). ذكر الرواية بذلك: حدثنا خلاد بن أسلم قال: أخبرنا النضر، عن هارون القاري قال: ثني هلال، عن أبي شيخ الهنائي في قراءة أُبيّ (يا أيَّتُها النَّفْسُ الآمِنَةُ المُطْمَئِنَّةُ) وقال الكلبي: إن الآمنة في هذا الموضع، يعني به: المؤمنة.
وقيل: إن ذلك قول الملك للعبد عند خروج نفسه مبشرة برضا ربه عنه، وإعداده ما أعدّ له من الكرامة عنده. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن جعفر، عن سعيد، قال: قُرئت: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: إن هذا لحسن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنَّ المَلَكَ سَيَقُولُهَا لَكَ عِنْدَ المَوتِ". حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح (ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) قال هذا عند الموت (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي) قال هذا يوم القيامة.
وقال آخرون في ذلك بما حدثنا به أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أُسامة بن زيد، عن أبيه في قوله: (يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) قال: بُشِّرت بالجنة عند الموت، ويوم الجمع، وعند البعث.
وقوله: (ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: هذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن قيل الملائكة لنفس المؤمن عند البعث، تأمرها أن ترجع في جسد صاحبها؛ قالوا: وعُنِيَ بالردّ هاهنا صاحبها. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) قال: تردّ الأرواح المطمئنة يوم القيامة في الأجساد. (ص424) الجزء 24
وفي تفسير آخر الزمخشري محمود عمرو (1407) في كتابه الكشاف 
     يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ على إرادة القول، أى: يقول الله للمؤمن يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ إمّا أن يكلمه إكراما له كما كلم موسى صلوات الله عليه، أو على لسان ملك. والْمُطْمَئِنَّةُ الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن، وهي النفس المؤمنة أو المطمئنة إلى الحق التي سكنها ثلج اليقين فلا يخالجها شك، ويشهد للتفسير الأوّل: قراءة أبىّ بن كعب: يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة. فإن قلت:
متى يقال لها ذلك؟ قلت: إمّا عند الموت. وإمّا عند البعث، وإمّا عند دخول الجنة. على معنى:
ارجعي إلى موعد ربك راضِيَةً بما أوتيت مَرْضِيَّةً عند الله فَادْخُلِي فِي عِبادِي في جملة عبادي الصالحين، وانتظمى في سلكهم وَادْخُلِي جَنَّتِي معهم، وقيل: النفس الروح. (ص 752)
وفي تفسير آخر الرازي محمد بن عمر (1420 هـ) في تفسيره المسمى التفسير الكبير
      اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَصَفَ حَالَ مَنِ اطْمَأَنَّ إِلَى الدُّنْيَا، وَصَفَ حَالَ من اطمأن إلى معرفته وعبوديته، فقال:
يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: تَقْدِيرُ هَذَا الكلام. يقول الله للمؤمن: يا أيتها النَّفْسَ فَإِمَّا أَنْ يُكَلِّمَهُ إِكْرَامًا لَهُ كَمَا كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ عَلَى لِسَانِ مَلَكٍ، وَقَالَ الْقَفَّالُ: هَذَا وَإِنْ كَانَ أَمْرًا فِي الظَّاهِرِ لَكِنَّهُ خَبَرٌ فِي الْمَعْنَى، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ النَّفْسَ إِذَا كَانَتْ مُطْمَئِنَّةً رَجَعَتْ إِلَى اللَّهِ، وَقَالَ اللَّهُ لَهَا: فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر: 29، 30] قَالَ: وَمَجِيءُ الْأَمْرِ بِمَعْنَى الْخَبَرِ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ، كَقَوْلِهِمْ: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الِاطْمِئْنَانُ هُوَ الِاسْتِقْرَارُ وَالثَّبَاتُ، وَفِي كَيْفِيَّةِ هَذَا الِاسْتِقْرَارِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مُتَيَقِّنَةً بِالْحَقِّ، فَلَا يُخَالِجُهَا شَكٌّ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [الْبَقَرَةِ: 260] وَثَانِيهَا: النَّفْسُ الْآمِنَةُ الَّتِي لَا يَسْتَفِزُّهَا خَوْفٌ وَلَا حَزَنٌ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّفْسِيرِ قِرَاءَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْآمِنَةُ الْمُطْمَئِنَّةُ، وَهَذِهِ الْخَاصَّةُ قَدْ تَحْصُلُ عِنْدَ الْمَوْتِ عِنْدَ سَمَاعِ قَوْلِهِ: أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ [فُصِّلَتْ: 30] وَتَحْصُلُ عِنْدَ الْبَعْثِ، وَعِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ لَا مَحَالَةَ وَثَالِثُهَا: وَهُوَ تَأْوِيلٌ مُطَابِقٌ لِلْحَقَائِقِ الْعَقْلِيَّةِ، فَنَقُولُ: الْقُرْآنُ وَالْبُرْهَانُ تَطَابَقَا عَلَى أَنَّ هَذَا الِاطْمِئْنَانَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ، أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَوْلُهُ: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرَّعْدِ: 28] وَإِمَّا الْبُرْهَانُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْقُوَّةَ الْعَاقِلَةَ إِذَا أَخَذَتْ تَتَرَقَّى فِي سِلْسِلَةِ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَاتِ، فَكُلَّمَا وَصَلَ إِلَى سَبَبٍ يَكُونُ هُوَ مُمْكِنًا لِذَاتِهِ طَلَبَ الْعَقْلُ لَهُ سَبَبًا آخَرَ، فَلَمْ يَقِفِ الْعَقْلُ عِنْدَهُ، بَلْ لَا يَزَالُ يَنْتَقِلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ، حَتَّى يَنْتَهِيَ فِي ذَلِكَ التَّرَقِّي إِلَى وَاجِبِ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ مَقْطَعُ الْحَاجَاتِ. وَمُنْتَهَى الضَّرُورَاتِ، فَلَمَّا وَقَفَتِ الْحَاجَةُ دُونَهُ وَقَفَ الْعَقْلُ عِنْدَهُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِذًا كُلَّمَا كَانَتِ الْقُوَّةُ الْعَاقِلَةُ نَاظِرَةً إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ مُلْتِفَةً إِلَيْهِ اسْتَحَالَ أَنْ تَسْتَقِرَّ عِنْدَهُ، وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَى جَلَالِ وَاجِبِ الْوُجُودِ، وَعَرَفْتَ أَنَّ الْكُلَّ مِنْهُ اسْتَحَالَ أَنْ تَنْتَقِلَ عَنْهُ، فَثَبَتَ أَنَّ الِاطْمِئْنَانَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِذِكْرِ وَاجِبِ الْوُجُودِ الثَّانِي: أَنَّ حَاجَاتِ الْعَبْدِ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ وَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مُتَنَاهِي الْبَقَاءِ وَالْقُوَّةِ إِلَّا بِإِمْدَادِ . (ص 161) الجزء 31
وفي تفسير آخر يقول ابن كثير إسماعيل بن عمر (1419 هـ) في كتابه تفسير القرآن العظيم لهذه الآية الكريمة.﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾(سورة الفجر آية27)
     ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ أَيْ إِلَى جِوَارِهِ وَثَوَابِهِ وَمَا أَعَدَّ لِعِبَادِهِ فِي جَنَّتِهِ راضِيَةً أَيْ فِي نَفْسِهَا مَرْضِيَّةً أَيْ قَدْ رَضِيَتْ عَنِ اللَّهِ وَرَضِيَ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا فَادْخُلِي فِي عِبادِي أَيْ فِي جُمْلَتِهِمْ وَادْخُلِي جَنَّتِي وَهَذَا يُقَالُ لَهَا عِنْدَ الِاحْتِضَارِ وَفِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَيْضًا، كَمَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُبَشِّرُونَ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ احتضاره وعند قيامه من قبره، فكذلك هَاهُنَا.
وفي تفسير أخر لهذا الآية الكريمة﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾(سورة الفجر آية27) قطب السيد (1412 هـ) 
      المطمئنة إلى ربها. المطمئنة إلى طريقها. المطمئنة إلى قدر الله بها. المطمئنة في السراء والضراء، وفي البسط والقبض، وفي المنع والعطاء. المطمئنة فلا ترتاب. والمطمئنة فلا تنحرف. والمطمئنة فلا تتلجلج في الطريق. والمطمئنة فلا ترتاع في يوم الهول الرعيب. ثم تمضي الآيات تباعا تغمر الجو كله بالأمن والرضى والطمأنينة، والموسيقى الرخية الندية حول المشهد ترف بالود والقربى والسكينة.
ألا إنها الجنة بأنفاسها الرضية الندية، تطل من خلال هذه الآيات. وتتجلى عليها طلعة الرحمن الجليلة البهية.
 تفسير وشرح الآية الرابعة 
﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾
ذكر الله تعالى حقيقية من أقسام النفس البشرية بأنها لوامة أي التي تلوم نفسها. فينبغي على المسلم ان يلزم نفسه بالطاعة. وهي التي تكون وسطاً بين أمرين بين الخير والشر، فهي تفعل الخير وتحبه، وتعمل المعصية وتكرهها. وإذا فعلت الشر والخطأ، شعرت بالندم واللوم وتوصف هذه النفس بالنفس اللوامة. وهذه الحالة في النفس يكون فيها صراعاً بين الخير والشر في داخلها.  
في تفسير الطبري (1420 هـ) 
     عن مجاهد، قوله: (بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) قال: تندم على ما فات وتلوم عليه. وقال آخرون: بل اللوّامة: الفاجرة. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) أي: الفاجرة. وقال آخرون: بل هي المذمومة. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) يقول: المذمومة. وهذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرناها عنه وإن اختلفت بها ألفاظ قائليها، فمتقاربات المعاني، وأشبه القول في ذلك بظاهر التنزيل أنها تلوم صاحبها على الخير والشرّ وتندم على ما فات، والقرّاء كلهم مجمعون على قراءة هذه بفصل "لا" من أقسم. (الجزء 24 ص50)
وقال محمود بن عمرو الزمخشري (1407 هـ) في تفسيره لهذه الآية الكريمة (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ)
     بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ بالنفس المتقية التي تلوم النفوس فيه أى في يوم القيامة على تقصيرهن في التقوى أو بالتي لا تزال تلوم نفسها وإن اجتهدت في الإحسان. وعن الحسن: إن المؤمن لا تراه إلا لائما نفسه، وإنّ الكافر يمضي قدما لا يعاتب نفسه «1». وقيل: هي التي تتلوّم يومئذ على ترك الازدياد إن كانت محسنة.
وعلى التفريط إن كانت مسيئة. وقيل: هي نفس آدم، لم تزل تتلوم على فعلها الذي خرجت به من الجنة. (ص659)
ويقول الرازي محمد بن عمر (1420 هـ) الطبعة الثالثة في تفسيره المسمى التفسير الكبير للآية الكريمة 
     ذَكَرُوا فِي النَّفْسِ اللَّوَّامَةِ وُجُوهًا أَحَدُهَا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ كُلَّ نَفْسٍ فَإِنَّهَا تَلُومُ نَفْسَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَرَّةً أَوْ فاجرة، أما البرة فلأجل أنها لم لَمْ تَزِدْ عَلَى طَاعَتِهَا، وَأَمَّا الْفَاجِرَةُ فَلِأَجْلِ أَنَّهَا لِمَ لَمْ تَشْتَغِلْ بِالتَّقْوَى، وَطَعَنَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْوَجْهِ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَلُومَ نَفْسَهُ عَلَى تَرْكِ الزِّيَادَةِ، لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ مِنْهُ لَوْمُ نَفْسِهِ عَلَى ذَلِكَ لَجَازَ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَلُومَهَا عَلَيْهِ الثَّانِي: أَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَلُومُ نَفْسَهُ عِنْدَ الضَّجَارَةِ وَضِيقِ الْقَلْبِ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ حَالَ كَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَلِأَنَّ الْمُكَلَّفَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مِقْدَارَ مِنَ/ الطَّاعَةِ إِلَّا وَيُمْكِنُ الْإِتْيَانُ بِمَا هُوَ أَزْيَدُ مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلَّوْمِ لَامْتَنَعَ الِانْفِكَاكُ عَنْهُ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَطْلُوبَ الْحُصُولِ، وَلَا يُلَامُ عَلَى تَرْكِ تَحْصِيلِهِ وَالْجَوَابُ: عَنِ الْكُلِّ أَنْ يُحْمَلَ اللَّوْمُ عَلَى تَمَنِّي الزِّيَادَةِ، وَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ هَذِهِ الْأَسْئِلَةُ وَثَانِيهَا: أَنَّ النَّفْسَ اللَّوَّامَةَ هِيَ النُّفُوسُ الْمُتَّقِيَةُ الَّتِي تَلُومُ النَّفْسَ الْعَاصِيَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسَبَبِ أَنَّهَا تَرَكَتِ التَّقْوَى.
ثَالِثُهَا: أَنَّهَا هِيَ النُّفُوسُ الشَّرِيفَةُ الَّتِي لَا تَزَالُ تَلُومُ نَفْسَهَا وَإِنِ اجْتَهَدَتْ فِي الطَّاعَةِ، وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا تَرَاهُ إِلَّا لَائِمًا نَفْسَهُ، وَأَمَّا الْجَاهِلُ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَاضِيًا بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْأَحْوَالِ الْخَسِيسَةِ وَرَابِعُهَا: أَنَّهَا عَلَى أَنِّي لِمَ طَلَبْتُهُ، فَلِكَثْرَةِ هَذَا الْعَمَلِ سُمِّيَ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً [الْمَعَارِجِ: 19- 21] وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ (لَوَّامَةِ) يُنْبِئُ عَنِ التَّكْرَارِ وَالْإِعَادَةِ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي لَوَّامٍ وَعَذَّابٍ وَضَرَّارٍ.
أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ مُطْلَقَ النَّفْسِ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ: وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها [الشَّمْسِ: 7] وَقَالَ: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [الْمَائِدَةِ: 116] وَقَالَ: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السَّجْدَةِ: 17] وَتَارَةً وَصَفَهَا بِكَوْنِهَا أَمَّارَةً بِالسُّوءِ، فَقَالَ: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [يُوسُفَ:
53] وَتَارَةً بِكَوْنِهَا لَوَّامَةً، فَقَالَ: بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ [الْقِيَامَةِ: 2] وَتَارَةً بِكَوْنِهَا مُطْمَئِنَّةً كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ نَفْسَ ذَاتِكَ وَحَقِيقَتِكَ وَهِيَ الَّتِي تُشِيرُ إِلَيْهَا بِقَوْلِكَ: (أَنَا) حِينَ تُخْبِرُ عَنْ نَفْسِكَ بِقَوْلِكَ فَعَلْتُ وَرَأَيْتُ وَسَمِعْتُ وَغَضِبْتُ وَاشْتَهَيْتُ وَتَخَيَّلْتُ وَتَذَكَّرْتُ
ان النفس البشرية امرها عظيم بأن الله تعالى قد اقسم بها ولا يقسم الله تعالى الا بأمرٍ عظيم وان منها رجاعة للحق.
ومن خلال هذه التفاسير نؤمن ان الاطمئنان نعمة من الله تعالى ولا تحصل عليه الى النفس المؤمنة ولا تكون كذلك إلا بالامتثال للأوامر الربانية. فالنفوس على ثلاثة أنواع الأمارة بالسوء والمطمئنة واللوامة. كما بين فيما سبق   
 
تفسير وشرح الآية الخامسة: 
  ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴾﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾(سورة الشمس آية 8,7)
في تفسير تلك الآية الكريمة السمرقندي النصر بن محمد في كتابه بحر العلوم " وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها يعني: ونفس والذي سوى خلقها، ويقال: ونفس وما خلقها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها يعني: ألهمها الطاعة والمعصية، ويقال: عرفها، وبين لها " (ص 585) الجزء 3
في تفسير آخر لهذه الآية الكريمة يقول البغوي محمد بن حسين (1420 هـ) الطبعة الأولى 
     ونفس وما سواها (7)، عدل خلقها وسوى أعضاءها قال عطاء يريد جميع ما خلق من الجن والإنس.
فألهمها فجورها وتقواها (8)، قال ابن عباس في رواية علي بن أبي طلحة: بين لها الخير والشر.
وقال في رواية عطية: علمها الطاعة والمعصية. وروى الكلبي عن أبي صالح عنه: عرفها ما تأتي من الخير (ص 487)
ويقول البيضاوي عبد الله بن عمر (1418 هـ) في تفسير قوله تعالى (ونفس وما سواها ... الآية الكريمة 
     وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها وجعل الماءات مصدرية يجرد الفعل عن الفاعل ويخل بنظم قوله:
فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها بقوله وَما سَوَّاها إلا أن يضمر فيه اسم الله للعلم به وتنكير نَفْسٍ للتكثير كما في قوله: عَلِمَتْ نَفْسٌ أو للتعظيم والمراد نفس آدم وإلهام الفجور والتقوى إفهامهما وتعريف حالهما أو التمكين من الإتيان بهما. (ص 315) الجزء الخامس.                                   
ويقول الساعاتي حسن أحمد (1423 هـ) في تفسيره لهذه الآية الكريمة حديث فيه بيان الانفس البشرية.
     والنفس الإنسانية إنما تقاد إلى الخير وتوزع عن الشر بأحد عاملين: إما الخوف وإما الرجاء، بالرغبة أو بالرهبة، ولا بد من تعادل هذين العاملين فى التأثير فى النفس، وإلا كانت عرضة للانحراف، فإذا غلبها الخوف بغير رجاء: أداها ذلك إلى اليأس، وإذا غلبها الرجاء بدون خوف: أداها ذلك إلى التحلل والإباحة، ومن هنا كان ناموس المؤاخذة من الله لخلقه دائر بين هذين العاملين، فهو سبحانه وتعالى يطعمهم فى رحمته ومغفرته وفاقا لقانون الفضل الرباني، ثم يحذرهم سطوته وعقوبته وجبروته إحقاقا للعدل الإلهي.
ومن خلال ذكر بعض التفاسير لأهل العلم تبين ان النفس البشرية ملهمه وأن تقيدها ومعرفتها للشرع الحكيم طريقة لحفظها من كل سوء.
تفسير وشرح الآية السادسة:
﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ﴾(سورة الروم آية رقم 8)                                        وفي تفسير هذه الآية الكريمة الطبري (1420 هـ) يقول رحمه الله تعالى 
        أولم يتفكَّر هؤلاء المكذّبون بالبعث يا محمد من قومك في خلق الله إياهم، وأنه خلقهم ولم يكونوا شيئا، ثم صرفهم أحوالا وقارات حتى صاروا رجالا فيعلموا أن الذي فعل ذلك قادر أن يعيدهم بعد فنائهم خلقا جديدا، ثم يجازي المحسن منهم بإحسانه، والمسيء بإساءته لا يظلم أحدا منهم، فيعاقبه بجرم غيره، ولا يحرم أحدا منهم جزاء عمله، لأنه العدل الذي لا يجور (مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا) إلا بالعدل، وإقامة الحقّ، (وَأَجَلٍ مُسَمًّى) يقول: وبأجل مؤقت مسمى، إذا بلغت ذلك الوقت أفنى ذلك كله، وبدّل الأرض غير الأرض والسموات، وبرزوا لله الواحد القهَّار، وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم جاحدون منكرون؛ جهلا منهم بأن معادهم إلى الله بعد فنائهم، وغفلة منهم عن الآخرة.( ص 70) الجزء 20
ويقول الزمخشري (1407 هـ) في تفسيره لهذه الآية الكريمة 
     فِي أَنْفُسِهِمْ يحتمل أن يكون ظرفا، كأنه قيل: أو لم يحدثوا التفكر في أنفسهم، أى: في قلوبهم الفارغة من الفكر، والتفكر لا يكون إلا في القلوب، ولكنه زيادة تصوير لحال المتفكرين، كقولك: اعتقده في قلبك وأضمره في نفسك، وأن يكون صلة للتفكر، كقولك:
تفكر في الأمر وأجال فيه فكره. وما خَلَقَ متعلق بالقول المحذوف، معناه: أو لم يتفكروا فيقولوا هذا القول. وقيل: معناه: فيعلموا، لأنّ في الكلام دليلا عليه إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى (ص 486) الجزء 3 
 ويقول الرازي (1420 ه الطبعة الثالثة) في تفسيره لهذه الآية الكريمة
 قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ لَمَّا صَدَرَ مِنَ الْكُفَّارِ الْإِنْكَارَ بِاللَّهِ عِنْدَ إِنْكَارِ وَعْدِ اللَّهِ وَعَدَمِ الْخُلْفِ فِيهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الأعراف: 187] وَالْإِنْكَارُ بِالْحَشْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ [الروم: 7] بَيَّنَ أَنَّ الْغَفْلَةَ وَعَدَمَ الْعِلْمِ مِنْهُمْ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ وَإِلَّا فَأَسْبَابُ التَّذَكُّرِ حَاصِلَةٌ وَهُوَ [أَنَّ] أَنْفُسَهُمْ لَوْ تَفَكَّرُوا فِيهَا لَعَلِمُوا وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ وَصَدَّقُوا بِالْحَشْرِ، أَمَّا الْوَحْدَانِيَّةُ فَلِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمْ عَلَى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، وَلْنَذْكُرْ مِنْ حُسْنِ خَلْقِهِمْ جُزْأً مِنْ أَلْفِ أَلْفِ جُزْءٍ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ لِلْإِنْسَانِ مَعِدَةً فِيهَا يَنْهَضِمُ غِذَاؤُهُ لِتَقْوَى بِهِ أَعْضَاؤُهُ وَلَهَا مَنْفَذَانِ أَحَدُهُمَا لِدُخُولِ الطَّعَامِ فِيهِ، وَالْآخَرُ لِخُرُوجِ الطَّعَامِ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ الطَّعَامُ فِيهَا انْطَبَقَ الْمَنْفَذُ الْآخَرُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ ذَرَّةٌ وَلَا بِالرَّشْحِ، وَتُمْسِكُهُ الْمَاسِكَةُ إِلَى أَنْ يَنْضَجَ نُضْجًا صَالِحًا، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ الْمَنْفَذِ الْآخَرِ، وَخَلَقَ تَحْتَ الْمَعِدَةِ عُرُوقًا دِقَاقًا صِلَابًا كَالْمِصْفَاةِ الَّتِي يُصَفَّى بِهَا الشَّيْءُ فَيَنْزِلُ مِنْهَا الصَّافِي إِلَى الْكَبِدِ وَيَنْصَبُّ الثُّفْلُ إِلَى مِعًى مَخْلُوقٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ مُسْتَقِيمٍ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْخُرُوجِ، وَمَا يَدْخُلُ فِي الْكَبِدِ مِنَ الْعُرُوقِ الْمَذْكُورَةِ يُسَمَّى الْمَاسَارِيقَا بِالْعِبْرِيَّةِ، وَالْعِبْرِيَّةُ عَرَبِيَّةٌ مَفْسُودَةٌ فِي الْأَكْثَرِ، يُقَالُ لِمُوسَى مِيشَا وَلِلْإِلَهِ إِيلْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَالْمَاسَارِيقَا مَعْنَاهَا مَاسَارِيقُ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الكبد وأنضجه. (ص 81 الجزء 25)
ومن خلال ما تبين من كلام المفسرين يتبن لنا إن التفكر في النفس وما فيها من الآيات الكبيرة والعظيمة التي خلقها الله تعالى يدل على الخلق البديع. وأن المسلم مأمور بالتفكر والتأمل بها
تفسير وشرح الآية السابعة:
﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ﴾(سورة فصلت آية رقم 53)
عَن يقول الزمخشري (1407 هـ) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ يعنى ما يسر الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم وللخلفاء من بعده ونصار دينه في آفاق الدنيا وبلاد المشرق والمغرب عموما وفي باحة العرب (ص206 الجزء 4)   
ويقول قطب (1412 هـ) في تفسيره لهذه الآية الكريمة
     ه وعد الله لعباده-بني الإنسان-أن يطلعهم على شيء من خفايا هذا الكون، ومن خفايا أنفسهم على السواء. وعدهم أن يريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم، حتى يتبين لهم أنه الحق. هذا الدين. وهذا الكتاب.
وهذا المنهج. وهذا القول الذي يقوله لهم. ومن أصدق من الله حديثا؟
ولقد صدقهم الله وعده فكشف لهم عن آياته في الآفاق في خلال القرون الأربعة عشر التي تلت هذا الوعد وكشف لهم عن آياته في أنفسهم. وما يزال يكشف لهم في كل يوم عن جديد.
وينظر الإنسان فيرى البشر قد كشفوا كثيرا جدا منذ ذلك الحين. فقد تفتحت لهم الآفاق. وتفتحت لهم مغاليق النفوس بالقدر الذي شاءه الله.
لقد عرفوا أشياء كثيرة. لو أدركوا كيف عرفوها وشكروا لكان لهم فيها خير كثير.
عرفوا منذ ذلك الحين أن أرضهم التي كانوا يظنونها مركز الكون. إن هي إلا ذرة صغيرة تابعة للشمس.
وعرفوا أن الشمس كرة صغيرة منها في الكون مئات الملايين. وعرفوا طبيعة أرضهم وطبيعة شمسهم-وربما طبيعة كونهم، إن صح ما عرفوه! وعرفوا الكثير عن مادة هذا الكون الذي يعيشون فيه. إن صح أن هناك مادة. عرفوا أن أساس بناء هذا الكون هو الذرة. وعرفوا أن الذرة تتحول إلى إشعاع. وعرفوا إذن أن الكون كله من إشعاع. في صور شتى: هي التي تجعل منه هذه الأشكال والأحجام! وعرفوا الكثير عن كوكبهم الأرضي الصغير. عرفوا أنه كرة أو كالكرة. وعرفوا أنه يدور حول نفسه وحول الشمس. وعرفوا قاراته ومحيطاته وأنهاره. وكشفوا عن شيء من باطنه. وعرفوا الكثير من المخبوء في جوف. (313 الجزء 5)
ان الله تعالى قد تكفل بأطهار الآيات الدالة على توحيده ومن هذه الآيات هي التدبر في النفس البشرية. ولهذا ينبغي للمسلم ان يتفكر في آيات الله تعالى. 
تفسير وشرح الحديث الأول:  
عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ، بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ: عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا فَارْقُدْ - وَقَالَ مَرَّةً: يَضْرِبُ عَلَيْهِ بِكُلِّ عُقْدَةٍ لَيْلًا طَوِيلًا - "، قَالَ: «وَإِذَا اسْتَيْقَظَ، فَذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا تَوَضَّأَ، انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى، انْحَلَّتْ الْعُقَدُ، وَأَصْبَحَ طَيِّبَ النَّفْسِ نَشِيطًا، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانًا» .( مسند الإمام أحمد , مسند أبو هريرة الجزء 12 الصفحة 252) 
يقول شاكر أحمد (1416 هـ) في تعليقه لذلك الحديث الشريف في تحقيقه لمسند الإمام أحمد رحمه الله 
      وقوله "يضرب عليك ليلاً طويلاً": قال النووي في شرح مسلم 6: 65: "هكذا هو في معظم نسخ بلادنا بصحيح مسلم. وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين "عليك ليلاً طويلاً" بالنصب على الإغراء. ورواه بعضهم "عليك ليل طويل" بالرفع، أي: بقي عليك ليل طويل". وذكر الحافظ في الفتح 3: 20 -21 أن جميع الطرق في البخاري بالرفع. 
ثم قال: "ووقع في رواية أبي مصعب في الموطأ عن مالك "عليك ليلاً طويلاً" وهي رواية ابن عيينة عن ابن الزناد، عند مسلم. قال عياض: رواية الأكثر عن مسلم بالنصب على الإغراء. ومن رفع فعلى الابتداء، أي باق عليك، أو باضمار فعل، أي بقى. وقال القرطبي: الرفع أولى من جهة المعنى؛ لأنه الأمكن في الغرور، من حيث إنه يخبره عن طول الليل ثم يأمره بالرقاد بقوله "فارقد" وإذا نصب على الإغراء لم يكن فيه إلا الأمر بملازمة طول الرقاد، وحينئذ يكون قوله "فارقد" ضائعًا، ومقصود الشيطان بذلك تسويفه بالقيام والإلباس عليه". وقوله "كسلانًا": كذلك ثبت في الأصول الثلاثة مصروفًا، بإثبات الألف بعد النون، وبضبطه بفتحتين فوق النون في المخطوطتين. وفي سائر الروايات التي رأينا "كسلان" بالمنع من الصرف. وأنا أرجع صحة ما ثبت في الأصول، على وجه جواز.
من خلال الحديث النبوي الشريف تتبين حقيقية وهي إن النفس تكون طيبة وهو ما يعرف بالصحة النفسية إذا حافظت على صلاة الفجر في جماعة وأداء الأذكار الواردة. وتكون خبيثة وهو ما يعرف بالاعتلال النفسي إذا لم تحافظ على صلاة الفجر ولم تؤد الأذكار.
تفسير وشرح الحديث الثاني 
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُنَّ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَإِنَّ النَّفْسَ مُصَابَةٌ، وَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ، وَإِنَّ الْعَهْدَ حَدِيثٌ» قَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ» (مسند الإمام أحمد، مسند أبو هريرة الجزء 13 الصفحة 124)
ويقول العاني عبد القادر الملأ حويش (1382 هـ) الطبعة الأولى في تبيانه لهذا الحديث الشريف.
     وإنما قلت تأثر صلى الله عليه وسلم لأنه بشر يعتريه ما يعتري البشر، وقد بكى على ابنه إبراهيم واغتاظ لابن بتمه، ورأى مرة النساء يبكين في جنازة وقد انتهرهن عمر رضي الله عنه فقال
عليه السلام دعهن يا عمر فإن النفس مصابة والعين دامعة والعهد قريب. (ص 262) الجزء الرابع 
وقد أظهر عبد القادر الملأ حويش حقيقية البشرية لنبي صلى الله عليه وسلم فأنه بحزن ويبكي ويتألم وهذا بخلاف من أخرجه من مقام العبودية.
وأيضا في الحديث الشريف إشارة الى نعت ووصف النفس البشرية بأنها تصاب وتحزن وينبغي للإنسان ان يعبر عن حزنه وتأثره في نفسه ولكن بدون تسخط او محظورا شرعي فيه اعتراض على قدر الله تعالى. وبذلك يقر الشارع الحكيم بالترويح عن النفس.
تفسير وشرح الحديث الثالث
الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ» (مسند الإمام أحمد، حديث واصبة بن معبد الأسدي الجزء 26 الصفحة 532)
ويقول عفاته حسام الدين (1431) في النفس الواردة في الحديث الشريف وعلاقة النفس في القلب. 
إنما عطف اطمئنان القلب على اطمئنان النفس للتقرير والتأكيد فإن النفس إذا ترددت في أمر وتحيرت فيه وزال عنها القرار استتبع ذلك خفقاناً للقلب للعلاقة التي بينها وبين القلب الذي هو متعلق الأول لها فتنقل العلاقة إليه من تلك الهيئة أثراً فيحدث فيه خفقان واضطراب ثم ربما يسري هذا الأثر إلى سائر القوى فتحس بها الحلال والحرام فإذا زال ذلك عن النفس وحدث لها قرار وطمأنينة انعكس الأمر وتبدلت الحال على ما لها من الفروع والأعضاء وقيل المعني بهذا الأمر أرباب البصائر من أهل النظر والفكر المستقيمة وأصحاب الفراسات من ذوي النفوس المرتاضة والقلوب السليمة فإن نفوسهم بالطبع تصبو إلى الخير وتنبو عن الشر فإن الشيء ينجذب إلى ما يلائمه وينفر عما يخالفه ويكون ملهمة للصواب في أكثر الأحوال.( ص 35) الجزء 18
وفي هذا الحديث الشريف نستفيد أن النفس البشرية لها فطرة سليمة لمعرفة الحق وأن الحق مصدر اطمئنان وراحة.
 
تفسير وشرح الحديث الرابع
     فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى اللَّهَ، وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى اللَّهَ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النِّعَمِ» (مسند الإمام أحمد، أحاديث رجال من أصحاب رسول الله الجزء 38الصفحة 238)
وقال الأرنؤوط ومرشد وآخرون (1421 هـ) الطبعة الأولى في تحقيقهم لمسند الأمام أحمد 
     وإسناده حسن، عبد الله بن سليمان: هو ابن أبي سلمة الأسلمي القبائي، روى له البخاري في "الأدب" والنسائي وابن ماجه، ووثقه ابن معين، وقال أبو حاتم وأبو عامر العقدي: لا بأس به، وقال الذهبي في "الكاشف": صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وتفرد بقوله: يخطئ (ص 203) الجزء 37
وعن النعم التي تتطيب النفس بها أي تكتمل صحتها اطمئنانها ما جاء عن المنياوي (1426 ه) الطبعة الأولى 
      وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: إِنَّ مَا سَدَّ الْجُوعَ، وَسَتَرَ الْعَوْرَةَ مِنْ خَشِنِ الطَّعَامِ، لَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْمَرْءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنِ النَّعِيمِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ أَسْكَنَ آدَمَ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ: {إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَى}.
فَكَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الْأَرْبَعَةُ مَا يُسَدُّ بِهِ الْجُوعُ، وَمَا يُدْفَعُ بِهِ الْعَطَشُ، وَمَا يُسْكَنُ فِيهِ مِنَ الْحَرِّ وَيُسْتَرُ بِهِ عَوْرَتُهُ، لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْإِطْلَاقِ، لَا حِسَابَ عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ. (ص233) الجزء الأول 
من خلال ذلك الحديث الشريف ان طيب النفس وراحتها من النعم التي أمتن الله تعالى بها على عباده وأنها مطلب لكل عبد وقد بين سفيان بن عيينه رحمه الله تعالى النعم التي يسأل عنها المرء وهي سد الجوع والعطش وستر العورة والسكن (الأمن). وهي الأمور التي استقرار وراحة للنفس. 
 
 
تفسير وشرح الحديث الخامس
فَصَعَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَوَّبَ فِيَّ النَّظَرَ، فَقَالَ: «الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ [ص:279] الْقَلْبُ، وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ» (مسند الإمام أحمد، حديث اب ثعلبة الخشني الجزء 29الصفحة 278)
قال الصنعاني الحسن بن أحمد (1427 هـ) الطبعة الأولى " قال المنذري: أسناده جيد. وصححه الألباني رحمه الله انظر حديث رقم: 2881 في صحيح الجامع
ويقول المنجد في موقعه http://www.islamqa.com   رقم الفتاوي (عددها 15862)
     يخطئ كثير من الناس في فهم هذا الحديث، حيث يجعلونه مطية لهم في الحكم بالتحليل أو التحريم على وفق ما تمليه عليهم أهواؤهم ورغباتهم، فيرتكبون ما يرتكبون من المحرمات ويقولون: (استفت قلبك) !! مع أن الحديث لا يمكن أن يراد به ذلك، وإنما المراد من الحديث أن المؤمن صاحب القلب السليم قد يستفتي أحداً في شيء فيفتيه بأنه حلال، ولكن يقع في نفس المؤمن حرج من فعله، فهنا عليه أن يتركه عملاً بما دله عليه قلبه.
قال ابن القيم رحمه الله:"لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه، وحاك في صدره من قبوله، وتردد فيها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (استفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك).
فيجب عليه أن يستفتي نفسه أولا، ولا تخلصه فتوى المفتي من الله إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه، كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من نار).والمفتي والقاضي في هذا سواء، ولا يظن المستفتي أن مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه إذا كان يعلم أن الأمر بخلافه في الباطن، سواء تردد أو حاك في صدره، لعلمه بالحال في الباطن، أو لشكه فيه، أو لجهله به، أو لعلمه جهل المفتي، أو محاباته في فتواه، أو عدم تقيده بالكتاب والسنة، أو لأنه معروف بالفتوى بالحيل والرخص المخالفة للسنة، وغير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه، وسكون النفس إليها" انتهى.
ومن هنا يتبين لنا أهمية النفس وعظيم شأنها بأنه دالة لمعرفة الخير ولكن يجب على المسلم أن يتحرى الحق من العلماء العاملين.
فعلم النفس المعرفي يؤكد على أن ما يفكر فيه الإنسان ويشعر به وينفعل له ويدركه على المستوي الشعوري، هو الذي يشكل تصوراته للحياة ويصوغ عقائده وقيمه، ويوجه تصرفاته الخارجية السوية منها والشاذة. (بدري ,1415ه)
المبدأ الثاني القرآن والسنة يأمران بتزكية النفس 
كما أمر القرآن والسنة بالتفكر في النفس، أمر بتزكيتها؛ لأنها قابلة في كل وقت للتغيير، وتزكية النفس يعني إيصالها إلى الكمالات الإنسانية. وتزكيتها لا تكون الا بامتثال أمر الله تعالى. والابتعاد عما نهى الله تعالى.
ومعنى التزكية لغة التزكية في اللغة مصدر زكى الشيء يزكيه، ولها معنيان: المعنى الأول: التطهير، يقال زكيت هذا الثوب أي طهرته، ومنه الزكاء أي الطهارة. 
والمعنى الثاني: هو الزيادة، يقال زكى المال يزكوا إذا نمى ومنه الزكاة لأنها تزكية للمال وزيادة له
(القاموس مادة زكى)
أولاً الآيات القرآنية:
الآية الأولى: 
﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾(سورة النجم آية رقم 32)
الآية الثانية: 
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾(سورة النساء 49)
الآية الثالثة: 
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾(سورة الشمس آية رقم9)
 
الآية الرابعة: 
﴿ قد أفلح من تزكى ﴾(سورة الأعلى آية رقم 14)
الآية الخامسة:
﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾(سورة الجمعة آية رقم2)
الآية السادسة:
﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾(سورة آل عمران آية رقم 164)
الآية السابعة:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾(سورة النور آية رقم 21)
ثانيا الأحاديث الشريفة 
الحديث الأول:
عن محمد بن عمرو بن عطاء، قال: سميت ابنتي برة، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم، وسميت برة»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم» فقالوا: بم نسميها؟ قال: «سموها زينب» (صحيح مسلم باب استحباب تغير الاسم إلى الجزء 3)
الحديث الثاني:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: "اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها "((صحيح مسلم كتاب الذكر والدعاء رقم2722)
تفسير وشرح الآية الأولى:
﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾(سورة النجم آية رقم 32)
وقد جاء في كتاب تفسير البغوي (1420 هـ) قال الحسن في معنى الآية: "علم الله من كل نفس ما هي صانعة وإلى ما هي صائرة، فلا تزكوا أنفسكم فلا تبرئوها عن الآثام ولا تمدحوها بحسن أعمالها
(الجزء 4 ص 253)
وقد جاء في تفسير آخر الرازي (1420 هـ) الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: التَّزْكِيَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِبَارَةٌ عَنْ مَدْحِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ، وَمِنْهُ تَزْكِيَةُ الْمُعَدِّلِ لِلشَّاهِدِ، قَالَ تَعَالَى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى  وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّزْكِيَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّقْوَى، وَالتَّقْوَى صِفَةٌ فِي الْبَاطِنِ، وَلَا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهَا إِلَّا اللَّه، فَلَا جَرَمَ لَا تَصْلُحُ التَّزْكِيَةُ إِلَّا مِنَ اللَّه، فَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ .( الجزء 10 ص100) 
وقال المراغي (1365 هـ) فذاك في تزكية النفس بدعوى اللسان فقط دون عمل يؤيدها. (الجزء 11 ص17)
ويقول الشعراوي (1997 م) لأنك تزكي نفسك عند الذي سيعطي الجزاء وهو يعلم، إذن فمن الحمق أن يزكي الإنسان نفسه في غير المواقف التي يحتاج فيها الأمر إلى تزكية تكون لفائدة المسلمين لا لفائدته الخاصة. (الجزء الرابع 2308)
ويقول حطيبة فالمقصود به تزكية النفس بالمدح، والتكلم عن النفس، وكأن الإنسان هو الذي هدى نفسه ورزقها، فيتكلم ويمدح نفسه ويقول أنه: أفضل من فلان وأحسن من فلان وعنده أكثر من فلان. http://www.islamweb.net 510 درسا
ويقول المغامسي فلا يجوز لأحد أن يزكي نفسه قلبياً، وأما تزكية الصنعة التي تحسنها فهذا لا ضير فيه، ومنه قول نبي الله يوسف: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} http://www.islamweb.net) ، ورقم الجزء هو رقم الدرس -31
 يقول الخضير فالتزكية لا تجوز من الإنسان لنفسه، اللهم إلا إذا وقع في مأزق وأراد التخلص منه يدعوا الله-جل وعلا-، وإن أقسم على الله في فعل أو توسل إليه بعمل صالح من أعماله فله أصل. دروس مفرغة من موقع الشيخ الخضير الكتاب مرقم آليا، رقم الجزء هو رقم الدرس -27 درسا
وقال الرازي (1413 هـ) وقد زكى النبي عليه الصلاة والسلام نفسه فقال: "والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض "ويوسف عليه الصلاة والسلام قال: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (الجزء 1ص71) 
وهذا إذا كانت التزكية لإظهار حقيقية وأمنت من الغرور والرياء وإلا الأصل عدم التزكية لما ورد من النهي الشرعي.
من خلال ما ورد من كلام المفسرين للآية يستنبط المسلم من عدم مدح الانسان نفسه حتى لا يقع في الغرور وكما بينوا المفسرون من أنه يجوز في حالات ان يظهر العبد ما فيه الخير كما أوضح الخضير في دروسه والرزي في كتابه أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة عن غرائب آي التنزيل إذا كان في حاجة أو اظهار حقيقة.
فالإسلام يربي المسلم المتواضع على أن يعرف قدراته وامكانياته. ويثق في نفسه. ويربى النفس على عدم اصابتها بالنرجسية (وهو مدح الذات والغرور) والتكبر وأيضا يربى المسلم على عدم الكبر.
تفسير وشرح الآية الأولى:
الآية الثانية: 
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾(سورة النساء 49)
يقول عفانه (1423هـ) ولا يجوز لمن يعمل الصالحات، أن يذكرها بعد الفراغ منها، إلا تحديثاً بنعمة ربه عليه (الجزء 1 ص 42)
وتقسم التزكية الى قسمين كما قال الفوزان (1423هـ) فهناك تزكيةٌ منهيٌّ عنها وهي: الإعجاب والمدح للنفس، وهناك تزكية مأمورٌ بها وهي الإصلاح والتوبة والعمل الصالح: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} (سورة الشمس آية رقم9)
وإن السلف كانوا يقولون إن هذه الآية وردت في اليهود كما فسرً ذلك الطبري ألم تر، يا محمد بقلبك، الذين يزكون أنفسهم من اليهود فيبرِّئونها من الذنوب ويطهرونها. واختلف أهل التأويل، في المعنى الذي كانت اليهود تُزَكي به أنفسها. فقال بعضهم: كانت تزكيتهم أنفسَهم، قولهم:" نحن أبناء الله وأحباؤه" (المجلد 8 ص 452)
وقال الزجاج (1408 هـ) أهل اللغة ألم تعلم وتأويله سؤال فيه معنى الِإعلام. تأويله أعلم قصَتهُم، وعلى مجرى اللغة ألم ينته علمك إِلى هؤلاءِ، ومعنى يزكون انفُسَهم أي تزعمون أنهم أزكياء. وتأويل قولنا: زكاءُ الشَيْءِ: في اللغة نماؤُه في الصلاح.
ويقول ابن كثير (1419 هـ) نَزَلَتْ فِي ذَمِّ التَّمَادُحِ وَالتَّزْكِيَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَحْثُوَ فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ (الجزء 2 ص 392)
ينبغي للمسلم ان يطهر نفسه من الدنس والمعاصي بالامتثال للأوامر اللاهية ولا يمتن على الله تعالى بالهداية والصلاح؛ لأن التوفيق من عند الله تعالى. ولإن ذلك من صفة اليهود والذين لا يعرفون الإسلام. كما ذكر ذلك عند أهل التفسير أن الآية نزلت في اليهود وبسبب غرورهم على الله تعالى.
فالإسلام يربي المسلم تربية نفسية بأن لا يغتر بعمله ويجتهد ولا يتكل وان يطهر نفسه من الرذائل ووكل أمر سلبي. 
تفسير وشرح الآية الثانية:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾(سورة الشمس آية رقم9)
يقول سابق(1420هـ) وكل إنسان مسئول عن تهذيب نفسه وإصلاحها، حتى تصل إلى كمالها المقدّر لها، فإن إصلاحها وتزكيتها وتنميتها بالعلم النافع والعمل الصالح، هو سبيل فلاحها وفوزها برضا الله، والقرب من مشاهدة جلاله وجماله، كما أن إهمالها هو السبيل إلى خيبتها وخسرانها. (الجزء 1ص 102)
وقد جمع البدر (1416هـ) أقوال ابن القيم وابن فتيبة في كتاب زيادة الايمان ونصانه وحكم الاستثناء فيه. 
     ونقل ابن القيم عن الحسن البصري أنه قال: "قد أفلح من زكى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله تعالى، وقد خاب من أهلكها وحملها على معصية الله تعالى".
ونقل عن ابن قتيبة أنه قال: "يريد: أفلح من زكى نفسه، أي نماها وأعلاها بالطاعة والبر والصدق، واصطناع المعروف "أما قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} فيقول ابن جرير في تفسيرها: "يقول تعالى ذكره: وقد خاب في طلبته، فلم يدرك ما طلب والتمس لنفسه من الصلاح من دساها، يعني من دسس الله نفسه فأخملها، ووضع منها بخذلانه إياها عن الهدى حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله (الجزء ص233)
وقد أجاد في وصف النفس البشرية وما تحتاج الجنيلد (دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة)
إن النفس الإنسانية بحاجة إلى الوحي لكي يأخذ بيدها إلى شاطئ النجاة مستعينة في ذلك بيقين الاعتقاد وسلامة الإرادة ونبل المقصد، وتستمد عونها من الله حتى لا تلعب بها عواصف الأهواء. وقال عليه الصلاة والسلام: "اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك"(الجزء 1ص 219)
وقال البغوي(1420هـ) طهر نفسه من الذنوب، ونقاها من العيوب، ورقاها بطاعة الله، وعلاها بالعلم النافع والعمل الصالح. {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} أي: أخفى نفسه الكريمة، التي ليست حقيقة بقمعها وإخفائها، بالتدنس بالرذائل، والدنو من العيوب، والاقتراف للذنوب، وترك ما يكملها وينميها، واستعمال ما يشينها ويدسيها. (الجزء 1 ص926)
فإن تطهير النفس وتزكيتها يكون من عند الله تعالى وأنه سبحانه وضع أسباب في الحصول عليها وهي امتثال أوامره واجتناب نواهيه. فالنفس البشرية في حاجة الى من يبين لها حقيقتها. ولا يكون الأمر كذلك الا بمعرفتها بالوحي وليس الاكتفاء بالمحسوسات. وأنها لكي تشعر بالصحة لأبد لها من التزكية أي العمل الصالح والاجتهاد في التخلص من المعاصي حتى تهنأ بالحياة الكريمة. 
تفسير وشرح الآية الرابعة:
﴿ قد أفلح من تزكى ﴾(سورة الأعلى آية رقم 14)
وقال العاني (1382 هـ) في تفسيره لهذه الآية الكريمة في كتابه روح المعاني:
     القرآن يفسر بعضه بعضا، ولا ينبغي العدول عن ظاهره وعن تفسير بعضه لبعض ما أمكن، وان معنى هذه الآيات على هذا هو فعل ما تزكى به النفس من المناقب واجتناب ما يشينها من المثالب كلها ليستوجبوا تزكية الله تعالى لهم وتطهيرهم من الذنوب والنقائص والعيوب، لأن المراد وصفهم بالزكاة المطلقة التي هي عبادة مالية، وقد ذكرنا غير مرة عند ذكر لفظ الزكاة أي القصد منها ما كان متعارفا عندهم إنفاته قبل الإسلام غير الزكاة المفروضة على هذه الأمة، لأن العرب كانت تزكي زكاة تلقتها عن أوائلهم (الجزء 4 ص 341)
ونقل السيوطي (1394هـ) في هذه الآية الكريمة:
     فَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَدْرِي مَا وجه هذا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ عِيدٌ وَلَا زَكَاةٌ وَلَا صَوْمٌ! وَأَجَابَ الْبَغَوِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النُّزُولُ سَابِقًا عَلَى الْحُكْمِ كَمَا قَالَ: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} فَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ وَقَدْ ظَهَرَ أَثَرُ الْحِلِّ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ حَتَّى قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أُحِلَّتْ لِي سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ " وكذلك نزل بِمَكَّةَ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَقُلْتُ: أَيُّ جَمْعٍ؟ فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ وَانْهَزَمَتْ قُرَيْشٌ نَظَرْتُ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي آثَارِهِمْ مُصَلِّتًا بِالسَّيْفِ وَيَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} فَكَانَتْ لِيَوْمِ بَدْرٍ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ. (الجزء 1 ص 132)
ويقول في تفسيره اهذه الآية لخطيب (دار الفكر العربي -القاهرة) فإن النفس التي خالصت تراب الأرض، ولبست هذا الجسد الترابي، لن تكون أبدا على حال كاملة من النقاء والطهر، بل هي دائما في حاجة إلى زكاة وتطهير. فلا تحسبوا أنفسكم مزكاة مطهرة. بل هي دائما في حاجة إلى تزكية وتطهير. (الجزء 14 ص614)
ومما سبق فإن مبدأ تزكية النفس وهو تطيرها من المعاصي سبب الفلاح في الداريين كما أخبر الله تعالى. وإن الله تعالى كما روى البيهقي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا من أن التزكية المراد بها زكاة الفطر وهذا يدل على ان التزكية هي طهارة الانسان ومن أسباب طهارة الانسان هو العمل الصالح.
تفسير وشرح الآية الخامسة:
﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾(سورة الجمعة آية رقم2)
يقول الجزائري (1424هـ) (ويزكيهم: أي يطهرهم أرواحاً وأخلاقاً. ويعلمهم الكتاب والحكمة: أي هدى الكتاب وأسرار هدايته.
ويقول الأهدل (موقع وزارة الأوقاف السعودية) فالمقصود من العلم: التربية والتزكية والحكمة، وليس العلم للعلم فقط كما يقال (الجزء 1 ص 392)
وفي رسالة علمية لدرجة الماجستير (جامعة المدينة العالمية) فالتربية هي التزكية، والتربية هي تنشئة الإنسان وبناؤه، قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ما من مولودٍ إلا يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسّانه)) وهذه أهم قواعد التربية والتزكية. 
ومما سبق يتبين إن هذا الكتاب يؤدي مهمتين، الأولى تربوية وهوي المقصودة بالتزكية، والثانية تعليمية. ولا يمكن تربية هذه الأمة الا عن الطريق الاتباع لهذا النبي الامي صلى الله عليه وسلم 
تفسير وشرح الآية السادسة:
﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾(سورة آل عمران آية رقم 164)
وهذه الآية الكريمة تشبه الآية التي قلبها في سورة الجمعة تبين لنا ان التربية الصحيحة لا بد ان تبدأ بتطهير النفوس من ادران المعاصي وتهذيبها بالطاعة والاتباع وعدم الابتداع في الدين وان تهذيب النفوس مقدم عن التعليم. وأيضا الآية التي في سورة البقرة﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾(سورة البقرة آية رقم 151) إلا إن الآية الكريمة الواردة في سورة البقرة سبق.
تفسير وشرح الآية السادسة:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾(سورة النور آية رقم 21)
وقال بن عطية (1422 هـ) وقرأ الجمهور «ما زكى»، بتخفيف الكاف أي ما اهتدى ولا أسلم ولا عرف رشدا، وقرأ أبو حيوة والحسن «زكّى» بشد الكاف أي تزكيته لكم وتطهيره وهدايته إنما هي بفضله لا بأعمالكم وتحرزكم من المعاصي، ثم ذكر تعالى أنه يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ ممن سبقت له السعادة وكان عمله الصالح أمارة على سبق السعادة له، ثم أخبر بأنه سَمِيعٌ لجميع أقوالهم وكلامهم من قذف وغيره، عَلِيمٌ بحق ذلك من باطله لا يجوز عليه في ذلك وهم ولا غلط. (الجزء 4 ص 172)
وقال ابن كثير (1419 هـ) لَوْلَا هُوَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ التَّوْبَةَ وَالرُّجُوعَ إِلَيْهِ ويزكي النفوس من شركها، وفجورها ودنسها، وَمَا فِيهَا مِنْ أَخْلَاقٍ رَدِيئَةٍ كُلٌّ بِحَسَبِهِ، لَمَا حَصَّلَ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ (الجزء6ص28)
ونقل السيوطي (دار الفكر) أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا زكا مِنْكُم} قَالَ: مَا اهْتَدَى أحد من الْخَلَائق لشَيْء من الْخَيْر (الجزء 6 ص162)
وهناك تفسير يوضح سبب اسناد التزكية الى الله تعالى وأيضا اسنداها الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم؛ فيوضح القلموني (1990 م) في كتابه التفسير المنير 
     وَالتَّزْكِيَةُ لِلْأَنْفُسِ بِالْفِعْلِ تُسْنَدُ إِلَى اللهِ تَعَالَى ; لِأَنَّهُ هُوَ الْخَالِقُ الْمُقَدِّرُ الْمُوَفِّقُ لِلْعَبْدِ لِفِعْلِ مَا تَزْكُو بِهِ نَفْسُهُ وَتَصْلُحُ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) وَتُسْنَدُ إِلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ هُوَ الْمُرَبِّي لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا تَزْكُو بِهِ أَنْفُسُهُمْ، وَيَعْلُو قَدْرُهَا بِسُنَّتِهِ الْعَمَلِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ فِي بَيَانِ كِتَابِ اللهِ، وَمَا لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْأُسْوَةِ الْحَسَنَةِ وَمِنْهُ هَذِهِ الْآيَةُ، وَقَالَ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) (62: 2) فَتَزْكِيَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأُمَّةِ مِنْ مَقَاصِدِ الْبَعْثَةِ وَتُسْنَدُ إِلَى الْعَبْدِ لِكَوْنِهِ هُوَ الْفَاعِلَ لِمَا جَعَلَهُ اللهُ سَبَبًا لِطَهَارَةِ نَفْسِهِ وَزَكَائِهَا كَالصَّدَقَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) وَقَوْلُهُ: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) وَقَوْلُهُ (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) فَهُوَ فِي زَكَاءِ النَّفْسِ بِدَعْوَى اللِّسَانِ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) وَقَوْلُهُ (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) فَهُوَ فِي زَكَاءِ النَّفْسِ بِدَعْوَى اللِّسَانِ، فَالتَّزْكِيَةُ تُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ الْمُزَكَّى وَهِيَ الْأَصْلُ وَعَلَى الْقَوْلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ.( الجزء 11 ص20)
وقال ابي زهرة في تفسيره للتزكية (دار الفكر العربي) لولا فضل الله تعالى بالموعظة والهداية وتربية النفوس بالتقوى (الجزء 10 ص 5617)
من خلال ما ذكر من الآية الكريمة نعلم ان الله تعالى هو الذي يمتن على عباده بالهداية فلا يغتر العبد بما صنع فأنها من عند الله فلا بد من تربية نفسه على التواضع وعدم الاعجاب وتواضع النفس مطلب شرعي.
تفسير وشرح الحديث الخامس
عن محمد بن عمرو بن عطاء، قال: سميت ابنتي برة، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم، وسميت برة»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم» فقالوا: بم نسميها؟ قال: «سموها زينب» (صحيح مسلم باب استحباب تغير الاسم الجزء 3)
 
 وقد نقل الألوسي عن العالم النووي رحمهما الله تعالى والظاهر أن كراهة ما يشعر بالتزكية مخصوصة بما إذا كان الاشعار قويا كما إذا كان الاسم قبل النقل ظاهر الدلالة على التسمية مستعملا فيها فلا كراهة في التسمية بما يشعر بالمدح إذا لم يكن كذلك كسعيد وحسن (الألوسي 1415 هـ الجزء 14ص 63)
ففي هذا الحديث الشريف اشارة على تربية النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة بأن يبتعدوا عن الغرور والريا وكل ما شأنه أن يؤدي اليهما. فالتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم للآباء بعدم تسمية أبنائهم على شيء قد يؤدي الى ما ذكرنا سابقا. فيجب على المربي أن يراعي ذلك بعدم إعطاء نعوتا قد تسهم في عدم تواضع المتربي. فالتربية الإسلامية وقائية جامعة. 
وقد أشار البنكاني (1432) فتزكية النفس من أخطر الأمراض القلبية، وهو من أكبر العوائق أمام إصلاح الفرد والمجتمع؛ فالنظر إلى النفس بعين الكمال يُعمي القلب عن رؤية عيوبها وأمراضها التي يجب معالجتها، وهو منبع الكبر والعجب والحسد (http://www.alukah.net/Social/0/33287/
 
المبدأ الثالث القرآن والسنة يؤمران بحفظ النفس وهذا المبدأ من مقاصد الشريعة
ويكون حفظ النفس البشرية بأمرين أولا وقائي والثاني علاجي فالإسلام دين من عند الله تعالى وفيه حفظ للإنسان وهو أعلم بما خلق يقول الله تعالى﴿ أَلَا يَعْلَم مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير ﴾(سورة تبارك آية رقم 14)، ويقول الله تعالى﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾(سورة ق آية رقم 16). يقول الله تعالى﴿ ... اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ ... ﴾(سورة هود آية رقم 31) ويقول (أبو العزايم ) وإذا كانت الصحة كما تعرفها منظمة الصحة العالمية هي تكامل صحة الجسم والنفس والمجتمع، فالصحة في مفهوم القرآن الكريم  هي التكامل بين صحة الجسم والنفس والمجتمع في إطار سن الأخلاقيات والمثل وهذا البعد الروحاني  هو بعد علاجي هام،  ووقائي أهم (http://uqu.edu.sa/page/ar/105028 )
الأمر الأول حفظ النفس البشرية من الأمراض النفسية عن طريق الوقاية 
فالمقصود هي الأوامر أو التوجيهات التي تقيء نفس الإنسان من الهلاك أو الأمراض فكما يعلم بأن هذه الشريعة الغراء جاءت بالعلاج الوقائي حتى لا يقع الإنسان في الهلال أو الضرر أيضا جاءت بالدواء العلاجي لتك الأمور. 
أولاً الآيات القرآنية:
الآية الأولى: 
﴿ .... وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾(سورة الانعام آية رقم 151)
 
الآية الثانية: 
﴿ .... وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾(سورة الفرقان آية رقم 68)
الآية الثالثة: 
﴿ ...وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾(سورة النساء آية رقم 83)
الآية الرابعة: 
﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴾(سورة لمائدة آية رقم 23)
الآية الخامسة: 
﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾(سورة الرعد آية رقم 11)
الآية السادسة: 
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾(سورة الأنعام آية رقم 82)
الآية السابعة:
 ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾(سورة فصلت آية 44)
الآية الثامنة:
 ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾(سورة يونس آية57)
الآية التاسعة:
 ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾(سورة الإسراء آية28)
الآية العاشرة:
 ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾(سورة طه آية134)
الآية الحادية عشر:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾(سورة الرعد آية28)
ثانيا الأحاديث الشريفة 
الحديث الأول:
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ  ( صحيح البخاري باب قوله تعالى (ان النفس بالنفس ) الجزء 9 الطبعة1422هـ) (صحيح مسلم باب ما يباح به دم المسلم الجزء 3) 
الحديث الثاني:
 حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا لِأَنَّهُ سَنَّ الْقَتْلَ أَوَّلًّا) (حديث عبد الله بن مسعود الجزء 1 تاريخ الطبعة 1996 م)
 
 
 
الحديث الثالث:
 قال النبي صلى الله عليه وسلم مَن تردَّى من جبل فقتل نفسَه فهو في نار جهنَّم يتردَّى فيها خالداً مُخلَّداً فيها أبداً، ومن تَحسَّى سُمًّا فقتلَ نفسَه، فسُمُّه في يده يحتساه في نار جهنَّم خالداً مُخلَّداً فيها أبداً، ومَن قتل نفسَه بحديدة، فحديدتُه في يده يَجأُ بها في بطنه في نار جهنَّم خالداً مُخلَّداً فيها أبد
(صحيح البخاري باب شرب السم والدواء به الجزء 7ص 139 الطبعة 1422)، (صحيح المسلم باب غلظ تحريم قتل للإنسان نفسه الجزء 1 ص03 1)
الحديث الرابع:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، وفوضت أمري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبرسولك الذي أرسلت، فإن مات مات على الفطرة». (صحيح المسلم باب ما يقال عند النوم الجزء4 ص 2082)
الحديث الخامس:
فال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه، وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب. (صحيح مسلم باب أخذ الحلال وترك الشبهات الجزء 2)
الحديث السادس:
يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تُخِيفُوا أَنْفُسَكُمْ بَعْدَ أَمْنِهَا» قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ [ص:558] قَالَ: «الدَّيْنُ» (مسند الإمام أحمد حديث عقبة بن عامر الجهني الجزء 28)
 
 
الحديث السابع:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَمَا سُئِلَ اللَّهُ شَيْئًا يَعْنِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ العَافِيَةَ. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللهِ بِالدُّعَاءِ. (الترمذي 102 باب الجزء 5 ص 44) 
تفسير وشرح الآية الأولى:
وهذه الآية الكريمة من ضمن النصوص الشرعية التي أمرت بالحفاظ على النفس والمراد بحفظها سواء بدنية أو نفسية من الهلال وتعتبر المحافظة على النفس من الضروريات الخمس ومن مقاصد الشريعة.
 قال الطبري (1420 هـ) ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، يعني بالنفس التي حرم الله قتلها، نفسَ مؤمن أو مُعاهد وقوله: إلا بالحق، يعني بما أباح قتلها به: من أن تقتل نفسًا فتقتل قَوَدًا بها، أو تزني وهي محصنة فترجم. (الجزء 13 ص 230)
وقال السمعاني (1418هـ) نهى عَن الْقَتْل بالظلم، وأباح الْقَتْل بِالْحَقِّ، وَهُوَ مُفَسّر فِي قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " لَا يحل دم امْرِئ مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث: كفر بعد إِيمَان، أَو زنا بعد إِحْصَان، أَو قتل نفس بِغَيْر نفس (الجزء 2 ص 156) 
 ويقول شرف الدين في ننفس الآية (لأولى -1420 هـ) فالإنسان بنيان الله، ومن هدم بنيان الله ملعون، وبذلك يقرر الإسلام عصمة الدم الإنساني إلا بالحق ويعتبر من يعتدي على نفس واحدة بغير حق، كأنه اعتدى على الإنسانية كلها. وهو المبدأ الذي يعتبر أن الجريمة اعتداء على المجتمع كله (الجزء 3 ص 15)
فالشارع الحكيم وضع التدابير والأسباب لكي تأمن النفس البشرية. ولضمان التربية الإسلامية الأمنية لنشء والأمة ينبغي أولاً أن تربى على الحفاظ على النفس وتطبيق المنهج الرباني القويم.
 
 
تفسير وشرح الآية الثانية:
﴿ .... وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾(سورة الفرقان آية رقم 68)
وتلك الآية أيضا من ضمن الأوامر والتوجيهات الشرعية التي تأمرنا بالمحافظة على النفس وكما هو معروف أن الأمر مطلق بعدم هلاك النفس سواء كانت مادية أو معنوية 
قال الغنيمان والتحقيق في هذا: أن قتل النفس يتعلق فيه ثلاثة حقوق: حق لأولياء المقتول، وحق لله جل وعلا، وحق للمقتول نفسه. http://www.islamweb.net رقم الدرس - 142 درسا 
وهناك الكريمة تفسير جامع لهذه الآية يقول القشيري من النفوس المحرّم قتلها على العبد نفسه المسكينة، قال تعالى: «وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ». وقتل النّفس من غير حقّ تمكينك لها من اتباع ما فيه هلاكها فى الآخرة. (الطبعة الثالثة الهيئة المصرية العامة للكتاب الجزء 2 ص 650)
ويقول النسفي (1419 هـ) {ولا يقتلون النّفس التي حرّم الله} أي حرمها يعني حرم قتلها {إلاّ بالحقّ} بقود أو رجم أو ردة أو شرك أو سعي في الأرض بالفساد وهو متعلق بالقتل المحذوف أو بلا يقتلون (الجزء 2 ص 549)
 التربية النفسية تؤدي الى الأمن النفسي والأمن النفسي من المفاهيم الأساسية فى الصحة النفسية. وهو الطمأنينة.  فالحفاظ على النفس كما ذكرنا سابقا من كل ما يهلكها تحتاج الى برنامج متكامل في التربية. ينص على وجوب حماية الانسان الحياة بشكل عام. وأن المقومات الأساسية لحياته غير معرضة للخطر، والإنسان الآمن نفسياً يكون فى حالة توازن أو توافق أمني.
تفسير وشرح الآية الثالثة:
﴿ ...وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾(سورة النساء آية رقم 83)
أن هذه الآية الكريمة فيها نهي عام عن كل ما يؤدي إلا هلاك النفس سواء بضررها المادي أو المعنوي وقال عبد الغفار محمد والعلماء لما تلكموا في قاعدة الإكراه قالوا: إن الله جل وعلا رفع عن المكره الإثم إلا في القتل والزنا، فلو أكره على شرب الخمر يشرب، ولو أكره على أن ينطق كلمة الكفر ينطق، ولو أكره على الزنا لا يفعل؛ لأن عرض أخيه مثل عرضه، ولو أكره على القتل فإنه لا يفعل بالاتفاق؛ لأنهم قالوا: إن نفسه ليست بأولى من نفس أخيه. http://www.islamweb.net    الكتاب مرقم آليا، ورقم الجزء هو رقم الدرس - 73 درس
  وقال الواحدي (1415 هـ) في تفسيره لهذه الآية الكريمة 
      لَا يقتل بعضكم بعضا، لأنكم أَهْل دين واحد، فأنتم كنفس واحدة. هَذَا قول ابْن عَبَّاس والأكثرين. وذهب قوم إِلَى أن هَذَا نهي عَنْ قُتِل الْإِنْسَان نفسه، ويدل على صحة هَذَا التأويل حديث عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، وَأَنَا فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاسِلِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ فَتَيَمَّمْتُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الاغْتِسَالِ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ اللَّه يَقُولُ {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَم يَقُلْ شَيْئًا فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ عَمْرًا تَأَوَّلَ فِي الآيَةِ إِهْلاكَ نَفْسِهِ، لا نَفْسَ غَيْرِه وَلَم يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْه النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (الجزء 2 ص 38)
والآية تقتضي النهي عن جميع أسباب هلاك النفس البشرية وفعل عمرو بن العاص رضي الله عنه من منع هلاك نفسه حتى لو اقتضى الأمر ترك المأمور به شرعا للضرورة حفظ النفس وهذا من فقهه رضي الله تعالى عنه وحسن تصرفه في صحيح البخاري أَنَّ عَمْرَو بْنَ العَاصِ: " أَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَتَيَمَّمَ وَتَلاَ: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ " (باب إذا خاف على نفسه المرض الجزء 1 ص 77)
ومن هذه الآية الكريمة هناك توجيه تربوي رفيع من أن يسلك الإنسان الى حفظ النفس من كل ما يضرها. ومن هذه الأمور الانتحار؛ فالانتحار يكون سببه أفكار واسترخاص قيمة النفس. فالمؤمن صاحب الاعتقاد يعلم أن كل ما أصابه من المصائب فهي مقدرة ولو صبر لكان خير له. ويعلم يقينا أن الله تعالى رحيم بالعباد كما ذكر سبحانه وتعالى﴿ ........ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾(سورة النساء آية رقم 83)
تفسير وشرح الآية الرابعة:
﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴾(سورة لمائدة آية رقم 23)
 قال الطبري (1420 ه) عن مجاهد في قوله: "فكأنما قتل الناس جميعًا"، قال: الذي يقتل النفس المؤمنة متعمدًا، جعل الله جزاءه جهَنّم، وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا. يقول: لو قتل الناس جميعًا لم يزد على مثل ذلك من العذاب (الجزء 10 ص 235)
 نقل البغوي (1420 هـ) قال الحسن: فكأنما قتل الناس جميعا، يعني: أنه يجب عليه من القصاص بقتلها مثل الذي يجب عليه لو قتل الناس جميعا، ومن أحياها أي عفا عمن وجب عليه القصاص فلم يقتله فكأنما أحيا الناس جميعا. (الجزء 2 ص 42)
وقال ابن كثير لهذ الآية الكريمة
مِنْ أَجْلِ قَتْلِ ابْنِ آدَمَ أَخَاهُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَيْ شَرَعْنَا لَهُمْ وَأَعْلَمْنَاهُمْ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً أَيْ من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ، وَاسْتَحَلَّ قَتْلَهَا بِلَا سَبَبٍ وَلَا جِنَايَةَ، فَكَأَنَّمَا قَتْلَ النَّاسَ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ نَفْسٍ وَنَفْسٍ، وَمَنْ أَحْيَاهَا، أَيْ حَرَّمَ قَتَلَهَا وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ، فَقَدْ سَلِمَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَلِهَذَا قَالَ فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً . (الجزء 3 ص 83)
وينبغي توحيد جهود المربيين في مقاومة العدوان على الفرد، والجماعة وذلك بزيادة الحس الأمني لدى النشء فيجب ان تتضمن مناهجنا قيمة النفس العالية الرفيعة. والمحافظة عليها وتطوير التوعية الأمنية بالمناهج الدراسية. والبيان لهم بخطورة الإرهاب العدواني وإن الإسلام دين رحمة وعدالة. وأيضا ابعادهم عن التأثر ببعض الثقافات التي نشأت بعيداُ عن التربية الايمانية التي أدت الى الانتحار.   
 
تفسير وشرح الآية الخامسة:
﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾(سورة الرعد آية رقم 11)
هذه الآية الكريمة فيها دلالة قاطعة إن لله حفظة للنفس تحصنها من كل ما يضرها بإذن الله تعالى وهذا يدل على قيمة النفس البشرية وأن آلية التغير تبدأ بالنفس 
الشنقيطي (1415 هـ) أَنَّهُ لَا يَسْلُبُ قَوْمًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَيْهِمْ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الطَّاعَةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. (الجزء 2 ص 236) 
ونقل السيوطي (دار الفكر -بيروت) عَن قَتَادَة -رَضِي الله عَنهُ -فِي قَوْله {إِن الله لَا يُغير مَا بِقوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم} قَالَ: إِنَّمَا يَجِيء التَّغْيِير من النَّاس والتيسير من الله فَلَا تغيرُوا مَا بكم من نعم الله (الجزء 4 ص 617)
وقال ابن القيم (1410 هـ) فإن الله إذا أنعم على عبد نعمة حفظها عليه، ولا يغيرها عنه حتى يكون هو الساعي في تغييرها عن نفسه إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ. وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ. وَما لَهُمْ مِنْ دُونِه مِنْ والٍ. (الجزء 1 ص 608)
 وقال القرطبي (1384هـ) في تفسيره﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ .... ﴾(سورة الرعد آية رقم 11) إِنَّ اللَّهَ تَوْكِيلُ الْمَلَائِكَةِ بِهِمْ لِحِفْظِهِمْ مِنَ الْوُحُوشِ وَالْهَوَامِّ وَالْأَشْيَاءِ الْمُضِرَّةِ، لُطْفًا مِنْهُ بِهِ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ. خَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ (الجزء9 ص 291)
تغير النفس بالنسبة للفرد أو الجماعة يكون أولا بالتربية الذاتية أولاُ. فهدى النفس بالإسلام عقيدة وعملا فيها سعادة للمسلم فينبغي على المربي أن يغرس المسؤولية الفردية في نفوس النشء وأن يمكنهم من مهارة تغير النفس من السلبيات.
 تفسير وشرح الآية السادسة:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾(سورة الأنعام آية رقم 82)
لا يكون حفظ النفس والأمن إلا بالتوحيد وهو افراد الله تعالى بالربوبية والالوهية والأسماء والصفات.
يقول عبد الوهاب (1423ه) في بيانه للآية الكريمة 
      فيه شاهدًا لكلام شيخ الإسلام الآتي في الحديث الذي ذكره حديث صحيح في "الصحيح" [البخاري 3636]، و"المسند" [3588]، وغيرهما. وفي لفظ لأحمد عن عبد الله [بن مسعود] قال: " لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} 2 شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله فأينا لا يظلم نفسه؟ قال: "إنه ليس الذي تعنون "، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم إنما هو الشرك قال شيخ الإسلام: والذي شق عليهم ظنوا أن الظلم المشروط هو ظلم العبد لنفسه، وأنه لا أمن ولا اهتداء إلا لمن لم يظلم نفسه، فبيّن لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما دلهم على أن الشرك ظلم في كتاب الله، وحينئذ فلا يحصل الأمن والاهتداء إلا لمن لم يلبس إيمانهم بهذا الظلم، فمن لم يلبس إيمانه به كان من أهل الأمن والاهتداء. (الجزء 1 ص 49)
وقال ابن كثير (1419 هـ) أَيْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَخْلَصُوا الْعِبَادَةَ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَمْ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، هُمُ الْآمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمُهْتَدُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. (الجزء 3 ص 263)
ينبغي على أهداف السياسة التعليمية والتربوية العليا هو المحافظة على النفس البشرية وجعلها تنعم بالأمن والرخاء في الدنيا والآخرة. ولا يكون ذلك الا بالتربية الأمة على التوحيد فأنه يحافظ على النفس البشرية من الهلاك والامراض النفسية.
 تفسير وشرح الآية السابعة:
  ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾(سورة فصلت آية 44)
إن القرآن الكريم سعادة للنفس البشرية، وحفظ لها من كل ضرر. وفيه هدى وعلاج لجميع الامراض. ولهذا السبب احتار الباحث في ايراد هذه الآية الكريمة في الحفظ الوقائي أو العلاجي ولكن بعد تأمل لو وضعت في الحفظ الوقائي أفضل بسبب أن المأمور به ابتداء هو تلاوة القرآن والتدبر والعمل به قبل حتى لو لم يكن مصاب بأي مرض. 
وقال السعدي(1420هـ) ولهذا قال: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} أي: يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم، ويعلمهم من العلوم النافعة، ما به تحصل الهداية التامة وشفاء لهم من الأسقام البدنية، والأسقام القلبية، لأنه يزجر عن مساوئ الأخلاق وأقبح الأعمال، ويحث على التوبة النصوح، التي تغسل الذنوب وتشفي القلب. (الجزء 1 ص 751)
أما عن عربية القرآن الكريم فكان لغة المسلمين كما شهد بذلك عالمين من المشرق والمغرب هما شيخ الإسلام ابن تيمية وابن بطوطة رحمهما الله تعالى كما بين ذلك الكناني (دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية) ابن تيمية علماً، وقالها ابن بطوطة مشاهدة، وهذا مشرقي وهذا مغربي، وكلاهما كان في القرن الثامن. يقول ابن تيمية (في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم) عن العصر الذي عاش فيه: كانت جميع الأمم والشعوب الإسلامية تتكلم بلغة القرآن.
وابن بطوطة في نفس العصر قام بجولة وبرحلات استغرقت ثلاثين عاماً ولم يترك إقليماً ولا مدينة ولا قرية إلا وهاجر إليها. http://www.islamweb.net
 ونقل في تفسيره ياسين (1420 هـ) أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) قال: جعله الله نورا وبركة وشفاء للمؤمنين. أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) قال: القرآن
فالقرآن شفاء، ونور، وحفظ للإنسان. فيجب على المربي أن يربي النشء على القرآن ويجب أيضا على المختص النفسي أن يعلم ما في هذا القرآن من الاعجاز العلمي في الشفاء. فالمسلمين مطالبين بالرجوع الى كتاب ربهم ليستخرجوا منه نظمهم ومناهجهم التربوية. 
تفسير وشرح الآية الثامنة:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾(سورة يونس آية57)
 وصف الله تعالى القرآن الكريم بأنه شفاء وجاءت كلمة شفاء نكرة بمعنى أنه شفاء من كل الامراض فالنفوس في حاجة الى القرآن الكريم فالتربية بالوعظ، لها دور في غرس العقيدة الإسلامية بميادينها المختلفة، أحد أساليب التربية في الاقناع وهي قد تكون على شكل نصائح، فالإنسان يصغي ويرغب في سماع النصح من محبيه وناصحيه، فالنصح والوعظ يصبح في هذه الحالة ذا تأثير بليغ على المنصوح.
ويقول أبو العز (1418 هـ) في تفسيره لهذه الآية الكريمة
      فَالْقُرْآنُ هُوَ الشِّفَاءُ التَّامُّ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْوَاءِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ، وَأَدْوَاءِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَا كُلُّ أَحَدٍ يُؤَهَّلُ لِلِاسْتِشْفَاءِ بِهِ. وَإِذَا أَحْسَنَ الْعَلِيلُ التَّدَاوِيَ بِهِ، وَوَضَعَهُ عَلَى دَائِهِ بِصِدْقٍ وَإِيمَانٍ وَقَبُولٍ تَامٍّ وَاعْتِقَادٍ جَازِمٍ وَاسْتِيفَاءِ شُرُوطِهِ لَمْ يُقَاوِمِ الدَّاءُ أَبَدًا. وَكَيْفَ تُقَاوِمُ الْأَدْوَاءُ كَلَامَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، الَّذِي لَوْ نَزَلَ عَلَى الْجِبَالِ لَصَدَّعَهَا، أَوْ عَلَى الْأَرْضِ لَقَطَّعَهَا؟! فَمَا مِنْ مَرَضٍ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ إِلَّا وَفِي الْقُرْآنِ سَبِيلُ الدِّلَالَةِ عَلَى دَوَائِهِ وَسَبَبِهِ وَالْحَمْيَةِ مِنْهُ، لِمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ فَهْمًا فِي كتابه. (الجزء 1 ص 235) 
وقال ابن جبرين (1418 هـ) في معرض جوابه لسائل عن التداوي بالقرآن 
أخبر بأن القرآن شفاء، وأن منه شفاء، فقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} وقال -تعالى-: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}  وقال -تعالى-: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (3) ويؤخذ من هذه الآيات أن الاستشفاء به يختص بالمؤمنين العاملين به، المصدقين بأنه كلام الله، وأن ذلك يستلزم اعتقادهم صحة التداوي به، واطمئنان قلوبهم إليه، ولا بد مع ذلك من صحة إيمان القارئ وعمله بالقرآن، ومعرفته بالآيات والسور التي يتداوى بها: كآيات السكينة، وآيات الشفاء، وآيات التخفيف، وآيات الأسماء والصفات للرب -عز وجل-، وآيات التوحيد والاعتماد على الله -تعالى-، ويكون ذلك بأن ينفث المريض على نفسه مع قراءتها، أو ينفث عليه القارئ ويقرؤها، أو يخص العضو المتألم فينفث عليه ويمسحه بيده، ويكرر ذلك مرارا. (الجزء 1 ص 9)
وفي فالموعظة الإسلامية هناك توجيهي تربويًّا جميل. بحيث يكون الله تعالى هو الباعث في السلوك، بمعنى إيمان الإنسان به، واتباع شريعته، وذلك هو محدد سلوك الإنسان، وهو الهدف والغاية لسلوكه، وأن يكون بالتوسط والاعتدال وهذا هدف التربية الإسلامية إنَّها تنشئ إنسانًا معتدلًا في سلوكه وفي عقيدته.  فالموعظة هي إحدى اساليب التربية الإسلامية، تصلح في جميع الميدان التربوية.
تفسير وشرح الآية التاسعة:
﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾(سورة الإسراء آية28)
خصائص التربية الإسلامية إنها ربانية المصدر والغاية، فالإنسان من صنعه فليس هناك من هو أعلم من الله تعالى بمفاتيح قطره الانسان ودوائه وعلاجه. وليست مثل المناهج المستمدة من غير شرع الله تعالى. فالشفاء المؤمن والرحمة له هو القرآن المنزل من الله تعالى.
يقول ابن القيم (1410 هـ) فهو شفاء للقلوب من داء الجهل، والشك والريب. فلم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع، ولا أعظم، ولا أسرع في إزالة الداء من القرآن.
(الجزء 1 ص 363)
يقول ابن كثير (1420هـ) في تفسيره لهذه الآية الكريمة
     يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ كِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَهُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ -إِنَّهُ: {شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} أَيْ: يُذْهِبُ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنْ أَمْرَاضٍ، مِنْ شَكٍّ وَنِفَاقٍ، وَشِرْكٍ وَزَيْغٍ وَمَيْلٍ، فَالْقُرْآنُ يَشْفِي مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. وَهُوَ أَيْضًا رَحْمَةٌ يَحْصُلُ فِيهَا الْإِيمَانُ وَالْحِكْمَةُ وَطَلَبُ الْخَيْرِ وَالرَّغْبَةُ فِيهِ، وَلَيْسَ هَذَا إِلَّا لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَاتَّبَعَهُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ شِفَاءً فِي حَقِّهِ وَرَحْمَةً. وَأَمَّا الْكَافِرُ الظَّالِمُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ، فَلَا يَزِيدُهُ سَمَاعُهُ الْقُرْآنَ إِلَّا بُعْدًا وَتَكْذِيبًا وَكُفْرًا.
ويقول السعدي (1420هـ) فإنه مشتمل على العلم اليقيني، الذي تزول به كل شبهة وجهالة، والوعظ والتذكير، الذي يزول به كل شهوة تخالف أمر الله، ولشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها.
وأما الرحمة، فإن ما فيه من الأسباب والوسائل التي يحث عليها، متى فعلها العبد فاز بالرحمة والسعادة الأبدية، والثواب العاجل والآجل (الجزء 1 ص 456)
 من تأمل الآية الكريمة يجد أن الله تعالى جعل الإيمان شرطا في الانتفاع بالقرآن الكريم فيجب على المربي أن يربي النشء على التربية الايمانية. وتوصيات الله لعباده هي أدوية الأجسام والنفوس والقلوب والعقول عند بني البشر، وهي بحاجة المربي الحكيم الذي يربي القلوب على الايمان حتى تنعم بالسعادة، وقد حاول الفلاسفة أن يقدموا للإنسان أفكاراً ونظريات من أجل صلاح الناس وتنظيم حياتهم، ولكن كانت في معظمها تهتم بالحياة المادية دون العناية بالحياة الروحية، وقد ثبت عدم كفاية تلك الأفكار لإشباع حاجات الناس أو عدم ملاءمتها للطبائع. 
تفسير وشرح الآية العاشرة:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾(سورة طه آية134)
إن النفوس يكتب الله تعالى أن تموت في يوم معلوم ولكن تبقى في حياة البرزخ تنعم أو تعذب اللهم اجعلني ووالدي والمسلمين من أهل النجاة. هذه النفس تسعد بقربها من الله، وتشقى ببعدها عن الله تعالى في الحياة الدنيا ايضاً لن تجد إنساناً واحداً على وجه الأرض سعيداً، وهو بعيد عن الله تعالى وهذ الأمر معروف بالاستقراء والمشاهدة. فلن تجد نفس سعيدة وهي بعيدة من الله تعالى.
وقال ابن العز (1418 هـ) في هذه الآية الكريمة 
     قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ، أَنْ لَا يَضِلَّ فِي الدُّنْيَا، وَلَا يَشْقَى فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ"، قُلْتُ: فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ، لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى من غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَهُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسُنُ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا تشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ(الجزء 1 ص 19)
وقال السحيم (1421هـ) أنه يعيش في صراع مع نفسه، ومع الكون من حوله: ذلك أن نفسه فطرت على التوحيد، قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} وجسده استسلم لخالقه، وسار على نظامه، فأبى الكافر إلا أن يناقض فطرته، ويعيش في أموره الاختيارية معارضا لأمر ربه، فلئن كان جسده مستسلما فإن اختياره معارضا. (الجزء 2 ص 161)
يقول القطان (1421ه) والإنسانية المعذَّبة اليوم في ضميرها، المضطربة في أنظمتها، المتداعية في أخلاقها، لا عاصم لها من الهاوية التي تتردى فيها إلا القرآن (الجزء 1 ص 15)
ما يتكون به الجسم الإنساني وكيفية نموه لا تتم الا بأمر الله ووفق حكمته سبحانه؛ فمن الأمر اللازم أن تكون النفس البشرية قائمة وفق منهج الله تعالى فأي اعتلال بذلك أي عدم سيرها على هدى الإسلام سوف يغير تركيبتها المفطورة اليها ويحدث الاضطراب والضنك. يجب على المربي أن يربى النشء على الاتباع لهذا الدين حتى يحدث لها الصحة النفسية.
تفسير وشرح الآية الحادية عشر:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾(سورة الرعد آية28)
  طمأنينة القلب التي تؤدي الى سعادة النفس ويحصل انشراح الصدر وانشراح الصدر مطلب كل انسان وقد ينفق الانسان لها ماله لكي تتحقق. ولن يتمكن بها الا بذكر الله ومن مستلزمات الذكر الامتثال لأمره واجتناب نواهيه.
يقول النابلسي (1426 هـ) 
     فلو أنّ اللهَ عز وجل قالَ: تطمئنُّ القلوبُ بذكرِ اللهِ، فبحسبِ اللغةِ تطمئنُّ بذكْرِه، وتطمئنُّ بذكْرِ غيرِه، أمّا حينما قدَّمَ ذِكْرَه على الطمأنينةِ فالقلوبُ لا تطمئنُّ إلا بذكْرِ اللهِ حصراً محورُ هذا الموضوعِ أنّ أثْمنَ شعورٍ تملكُه في الحياةِ الدنيا أنْ تكونَ مطمئناً، أنْ تكونَ آمناً، فعَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا".(الجزء 1 ص 218)
ويقول الساعاتي (1423 ه) فالإسلام كثيرا ما يخاطب الوجدان، ويستثير الخواص النفسانية الكامنة في الإنسانية لتتصل بالله تبارك وتعالى وتسمو إلى حظائر الملأ الأعلى. (الجزء 1 ص 365)
ويقول حطيبة (دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية) فالمؤمن يطمئن قلبه بذكر الله، يقول: الله، فيستريح بذلك قلبه، ويقول: لا إله إلا الله ويعلم أنه يعبد إلهاً واحداً، هو الذي ينفعه، وهو الذي يضره سبحانه تبارك وتعالى، وهو الذي يقدر على كل شيء، فيطمئن قلبه ويركن إلى ربه، ويتوكل عليه سبحانه، فيستريح من كل شيء. (الجزء 248 ص 7)
التربية النفسية غايتها الصحة النفسية ولا يتأتى ذلك إلا باطمئنان القلب وانشراح الصدر وسعادة النفس ولا يمكن أن تحصل الا بالتربية النشء تربية ايمانية، وربط جميع العلوم بقدرة الله تعالى حتى يتم استشعار ذلك من قبل الأمة، وينبغي على واضعي المناهج مراعاة ذلك وأيضاً القائمين على التربية والتعليم وضع هدف سامي وهو تربية نشء مؤمن بربه ذاكرا له مستشعرا بفدرته وعظمته حتى يتحقق لدينا أمة قوية منشرحة الصدر سالمة من الأمراض النفسية.
تفسير وشرح الحديث الأول:
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ  ( صحيح البخاري باب قوله تعالى (ان النفس بالنفس ) الجزء 9 الطبعة1422هـ) (صحيح مسلم باب ما يباح به دم المسلم الجزء 3)
إن الإسلام كما ذكرنا سابقا وضع احكام تحافظ على النفس البشرية من الهلاك سواء وقائية أو علاجية، وأن حفظ النفس من مقاصد الشريعة، والحفاظ عليها من الضروريات الخمس. والحفاظ عليها يقتضي تتطبيق احكام شرعها الله تعالى وهو اعلم بعباده ومنها جواز قتل من خرج عن الحاكم لأن في خروجه اسفاك لدم وهلاك للأنفس فسبحان الله وما أعظم شرعه. 
 قال العتيبي (1418 هـ) لا يجوز في دين الله قتل النفس المسلمة إلا بإحدى ثلاث كما في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن ابن مسعود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -قال: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين، التارك للجماعة (الجزء 1 ص 66)
قال السقاف (موقع الدرر السنية على الإنترنت) قال النووي رحمه الله في شرح الحديث: (فيه الأمر بقتال من خرج على الإمام أو أراد تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك وينهى عن ذلك فإن لم ينته قوتل وإن لم يندفع شره إلا بقتله فقتل كان هدراً، فقوله صلى الله عليه وسلم، فاضربوه بالسيف وفي الرواية الأخرى فاقتلوه معناه: إذا لم يندفع إلا بذلك. (الجزء 8 ص 485)
فتاوى اللجنة الدائمة وهذا التشديد في عقوبة المرتد لأمور عديدة منها أن هذه العقوبة زجر لمن يريد الدخول في الإسلام مصانعة أو نفاقا، وباعث له على التثبت في الأمر، فلا يقدم إلا على بصيرة وعلم بعواقب ذلك في الدنيا والآخرة، فإن من أعلن إسلامه فقد وافق على التزامه بكل أحكام الإسلام برضاه واختياره، ومن ذلك أن يعاقب بالقتل إذا ارتد عنه. من أعلن إسلامه فقد دخل في جماعة المسلمين، ومن دخل في جماعة المسلمين فهو مطالب بالولاء التام لها ونصرتها، ودرء كل ما من شأنه أن يكون سببا في فتنتها أو هدمها، أو تفريق. (الجزء 22 ص 232)
ويقول الطرودي (الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات) ولا يختلف المسلمون في تحريم الاعتداء على الأنفس المعصومة في دين الإسلام؛ إما أن تكون مسلمة، فلا يجوز بحال الاعتداء على النفس المسلمة وقتلها بغير حق، ومن فعل ذلك فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب العظام (الجزء 1 ص 64)
فهذا الدين عظيم ووضح احكام للحفاظ على النفس فالمربي المسلم يجب عليه تعليم النشء احكام الشرع. وضع سياسة عامة لتربية الأمنية ومنها البيان والتوضيح لنشء بخطورة الردة والخروج عن جماعة المسلمين وقتل الأنفس. لما فيها من حماية بيضة المسلمين والحفاظ على وجودهم. 
 
 
 
تفسير وشرح الحديث الثاني:
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا لِأَنَّهُ سَنَّ الْقَتْلَ أَوَّلًّا) (حديث عبد الله بن مسعود الجزء 1 تاريخ الطبعة 1996 م)
قال ابن كثير (1419 ه) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَقَرَّبَا قُرْبَانَهُمَا، فَجَاءَ صَاحِبُ الْغَنَمِ بِكَبْشٍ أَعْيَنَ أَقْرَنَ أَبْيَضَ، وَصَاحِبُ الحرث بصبرة من طعامه، فَقَبِلَ اللَّهُ الْكَبْشَ فَخَزَنَهُ فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ خريفا، وهو الكبش الذي ذبحه إبراهيم عليه السلام، إِسْنَادٌ جَيِّدٌ. (الجزء 3 ص 75)
والحديث فيه دلالة أن ابن آدم الذي قام بالقتل أخيه عليه نصيب وجزء من وزر كل قاتل يَقتل ظلماً، لأنه أول من سن القتل. وفيه دلالة على أن صاحب البدعة السيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة، فعمل بها بعده، كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء»، (صحيح مسلم الجزء 4 ص 2094) وأما من تاب من ذنبه فلا يحمل شيئاً من أوزار من عمل بمثل ما عمل ، لأن آدم كان أول من خالف في أكل ما نهي عنه ، ولا يكون عليه شيء من أوزار من عصى بأكل ما نهي عنه بعده بالإجماع . قال تعالى ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴾(سورة لمائدة آية رقم 23
وقال ابن كثير لهذ الآية الكريمة
     مِنْ أَجْلِ قَتْلِ ابْنِ آدَمَ أَخَاهُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَيْ شَرَعْنَا لَهُمْ وَأَعْلَمْنَاهُمْ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً أَيْ من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ، وَاسْتَحَلَّ قَتْلَهَا بِلَا سَبَبٍ وَلَا جِنَايَةَ، فَكَأَنَّمَا قَتْلَ النَّاسَ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ نَفْسٍ وَنَفْسٍ، وَمَنْ أَحْيَاهَا، أَيْ حَرَّمَ قَتَلَهَا وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ، فَقَدْ سَلِمَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَلِهَذَا قَالَ فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً . (الجزء 3 ص 83) 
فالحفاظ على النفس أمرها عظيم حتى أن الشارع الحكيم رتب على كل من سنة في القتل أو وضع أسباب القتل اما بأحياء الثارات رتب عليه ذنب كل دم يزهق بسببه.
تفسير وشرح الحديث الثالث:
قال النبي صلى الله عليه وسلم مَن تردَّى من جبل فقتل نفسَه فهو في نار جهنَّم يتردَّى فيها خالداً مُخلَّداً فيها أبداً، ومن تَحسَّى سُمًّا فقتلَ نفسَه، فسُمُّه في يده يحتساه في نار جهنَّم خالداً مُخلَّداً فيها أبداً، ومَن قتل نفسَه بحديدة، فحديدتُه في يده يَجأُ بها في بطنه في نار جهنَّم خالداً مُخلَّداً فيها أبد
(صحيح البخاري باب شرب السم والدواء به الجزء 7ص 139 الطبعة 1422)، (صحيح المسلم باب غلظ تحريم قتل للإنسان نفسه الجزء 1 ص03 1)
الإسلام يحرم الانتحار لأنه في الحقيقة لا يملك الانسان ذلك الجسد وإنما هم مؤتمن عليه. والامر الآخر فيه تسخط واعتراض على قدر الله تعالى.
يقول البدر (1423هـ) فإنَّ ذلك الخلودَ خلودٌ نسبِيٌّ، يُرادُ به طول البقاء، لكنَّه ليس كخلود الكفَّار الذين يبقون في النار إلى غير نهاية؛ لأنَّ كلَّ ذنب دون الشِّرك تحت مشيئة الله، كما قال الله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (الجزء 1 ص 134)
 قال السلمي (: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية) فإن الخلود نوعان: الأول: خلود أبدي، وهذا لا يكون إلا للكافر الذي ليس بمسلم. الثاني: طول المكث، ولهذا عندما يسمون شخصاً باسم خالد هل يقصدون أنه خالد فعلاً لا يموت؟! لا، فهم يعرفون أنه سيموت، ولكن يتمنون له طول الحياة، ولهذا سموه بهذا الاسم، وهذا أمر سائغ في لغة العرب ولا إشكال فيه.
(http://www.islamweb.net لكتاب مرقم آليا، ورقم الجزء هو رقم الدرس -9 دروس)
أما قوله صلى الله عليه وسلم (يتردى) هو السقوط من المكان العالي الة مكان أسفل منه وقوله صلى الله عليه وسلم يتوجأ يقال إن يضرب بها نفسه.
فالانتحار يكون سببه أفكار واسترخاص قيمة النفس. فالمؤمن صاحب الاعتقاد يعلم أن كل ما أصابه من المصائب فهي مقدرة ولو صبر لكان خير له. ويعلم يقينا أن الله تعالى رحيم بالعباد كما ذكر سبحانه وتعالى﴿ ........ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾(سورة النساء آية رقم 83)
فالإسلام وضع لنا أمور حتى لا نقع في الجزع والاكتئاب فيجب على المربي تربية النشء على الخصال التي من خلالها يمكن للمسلم أن يتقبل كل ما يأتيه.
تفسير وشرح الحديث الرابع:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، وفوضت أمري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبرسولك الذي أرسلت، فإن مات مات على الفطرة». (صحيح المسلم باب ما يقال عند النوم الجزء 4 ص 2082)
وهذا الحديث فيه وقاية للنفس بالدعاء والذكر ينبغي على المسلم أن يحرص عليها حتى ينال الجزاء والوعد الخير والفطرة. وأيضا فيه الايمان بالتوكل والتلفظ عليه يوميا حتى يتربى عليه فان التوكل: تفويض الإنسان أمره إلى ربه، وانه لا يلجأ إلا إلى الله تعالى، لأنه إذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له، فإذا أراد الله بالإنسان شيئا فلا مرد له إلا الله عز وجل، يعني: إلا إن يلجا إلى المسلم الى الله تعالى فينبغي للإنسان إذا أراد النوم إن ينام علي جنبه الأيمن، وان يقول هذا الذكر، وان يجعله آخر ما يقول.
يقول ابن القيم (1415هـ) عَلَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّائِمَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَاتِ التَّفْوِيضِ وَالِالْتِجَاءِ، وَالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، لِيَسْتَدْعِيَ بِهَا كَمَالَ حِفْظِ اللَّهِ لَهُ، وَحِرَاسَتِهِ لِنَفْسِهِ وَبَدَنِهِ، وَأَرْشَدَهُ مَعَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَسْتَذْكِرَ الْإِيمَانَ، وَيَنَامَ عَلَيْهِ، وَيَجْعَلَ التَّكَلُّمَ بِهِ آخِرَ كَلَامِهِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا تَوَفَّاهُ اللَّهُ فِي مَنَامِهِ، فَإِذَا كَانَ الْإِيمَانُ آخِرَ كَلَامِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، فَتَضَمَّنَ هَذَا الْهَدْيُ فِي الْمَنَامِ مَصَالِحَ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ وَالرُّوحِ فِي النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ، وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ نَالَتْ بِهِ أُمَّتُهُ كُلَّ خَيْرٍ.(الجزء 4 ص 233 )
التربية الإسلامية من أهدافها غرس الايمان والعمل بالنصوص ومن هذه النصوص الأذكار خاصة التي فيها حفظ للنفس ومعاني التوحيد والتوكل. قد يقول قائل ما فائدة الترداد لهذا الذكر يومياً إذا المسلم يعتقد ما فيه؟ معروف إن أمر جاء من الشارع الحكيم ينبغي للعبد التنفيذ مع الاعتقاد إنه إلا يخلو من حكمة أولاً ولكن من المعروف تكرار الأمر المعروف يزيد من الرسوخ وتذكير العبد به فيه استكانة وراحة للنفس. 
تفسير وشرح الحديث الخامس:
فال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه، وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب. (صحيح مسلم باب أخذ الحلال وترك الشبهات الجزء 2)
ينبغي للمسلم أن يتجنب المتشابهات في المعاملات التي يشك أو قد تؤدي إلى الحرام ومن يبتعد عنها فقد أبرأ ذمته. ومن يقع في المتشابه فإنه يفعل المحرم. فيجب على المسلم أن يتربى على الاحتراز من فعل الخطأ بشكل عام. ثم يبين النبي صلى الله عليه وسلم حقيقية عظيمة وهي موقع الادراك والصلاح هو القلب فإذا سعى العبد الى تنظيفه من الادران التي تعلق به بسبب المعاصي سوف يستقيم جسمه وتتعافى من كل الأمراض النفسية والمادية ويكون مآله الى الخير ففي الحديث الشريف أسلوب تربوي في التعليم وهو ضرب الأمثال. وفي الحديث حقائق وأسلوب بلاغي يدل على الاعجاز العلمي وليس هنا في صدد الحديث عن ذلك. 
ونقلت بتصريف من أرشيف منتدى الألوكة (1432 هـ)
قد أجمع أهل العلم على عظم موقع هذا الحديث وكثرة فوائده وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام وأنه ينبغي ترك المشتبهات، فإن ذلك سبب لحماية دينه وعرضه، وحذر من مواقعة الشبهات، وأوضح ذلك بضرب المثل بالحمى، ثم بين أهم الأمور وهو مراعاة القلب. أن الأشياء ثلاثة أقسام: حلال بين واضح لا يخفى حله، وحرام بين واضح لا يخفى حرمته، ومشتبهات موجودة بين الحل والحرمة، ولم يظهر أمرها على التعيين، فلهذا لا يعرفها كثير من الناس، ولا يدركون حكمها، وأما العلماء فيعرفون حكمها بنص أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك، فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة ولم يكن فيه نص ولا إجماع؛ اجتهد فيه المجتهد، فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي، فإذا الحقه به صار حلالا أو حراما، وقد يكون دليله غير خال من الاحتمال، فيكون الورع تركه، ليحصل له البراءة لدينه. (ألا وإن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه) معناه: أن ملوك العرب وغيرهم يكون لكل مَلِك منهم حمى يحميه عن الناس، ويمنعهم دخوله، فمن دخله أوقع به العقوبة، ولله أيضا حمى وهي محارمه، أي: المعاصي.  http://majles.alukah.net رابط الموضوع.
ما دام أن قلب الانسان على الفطرة السليمة فأنه يتمتع بالصحة النفسية.
تفسير وشرح الحديث السادس:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تُخِيفُوا أَنْفُسَكُمْ بَعْدَ أَمْنِهَا» قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الدَّيْنُ» (مسند الإمام أحمد حديث عقبة بن عامر الجهني الجزء 28)
هذا الحديث العظيم فيه دلالة على حماية النفس من الخوف الذي يسبب لها الاضرار وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك يتأتى بالابتعاد عن الدين لأنه يتحرج من مواجهة الناس الذين يطالبونه فيحرم من المعيشة الطبيعية، ومعاشرة الناس. وقد يؤدي الى الانطواء والاكتئاب والهموم 
تفسير وشرح الحديث السابع:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَمَا سُئِلَ اللَّهُ شَيْئًا يَعْنِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ العَافِيَةَ. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللهِ بِالدُّعَاءِ. (الترمذي 102 باب الجزء 5 ص 44) 
الحديث الشريف فيه دلالة على فضل الدعاء الذي بين النبي صلى الله عليه وسلم لمن فعله بأن أبواب الرحمة فتحت له. وأيضا فيه ارشاد كريم بأن أفضل ما يحرص عليه المسلم لدعاء بالعافية أي السلامة من الشرور ومنها الصحة النفسية وهذا التوجيه الكريم من الشارع الحكيم يدل على أهمية الحفاظ على النفس. وإن اهم الوسائل لتحصيل ذلك هو الدعاء وأيضا البيان للناس بأهمية الحفاظ على النفس كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. 
ويقول العاني (1382 هـ) هـ ان الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل. وله عن سلمان أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر. وله عن أبي هريرة أنه قال: من لم يسأل الله يغضب عليه. عن أبي هريرة أنه قال: من لم يسأل الله يغضب عليه. (الجزء 1 ص 116)
وقال ابن القيم (1999 م) وذكر الفريابي في كتاب الذكر من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أي الدعاء أفضل؟ قال» تسأل الله العفو والعافية. (الجزء 1 ص 148)
  الأمر الثاني حفظ النفس البشرية من الأمراض النفسية ويكون الحفظ هنا علاجي 
وهذه النصوص كثيرة ولا يمكن حصرها هنا فسوف أقتصر على بعض النصوص حتى تؤكد على مبدأ حفظ النفس عن طريق العلاج وبما أن الله تعالى رحيم بعباده فقد أنزل عليهم آيات فيها علاج لكثير من الأمراض والادران كما أنزل عليهم آيات فيها حفظهم كما ذكرنا سابقا.
أولاً الآيات القرآنية:
الآية الأولى: 
﴿ .. فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾(سورة االبقرةآية رقم 7)
الآية الثانية: 
﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ......﴾(سورة آل عمران آية رقم176)
الآية الثالثة: 
﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾(سورة الشعراء آية رقم3)
الآية الثالثة: 
﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾(سورة الحديد آية رقم22, 23)
الآية الرابعة: 
﴿.... إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾(سورة لقمان آية رقم 18)
الآية الخامسة: 
﴿.... وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾(سورة الزمرآية رقم 10)
 الآية السادسة:
 ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾(سورة النحل آية 97)
 الآية السابعة: 
﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾(سورة الحجرآية رقم 97,98,99)
 الآية الثامنة:
 ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾(سورة الحجرات آية 12)
الآية التاسعة:
 ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾(سورة النحل آية 97)
الآية العاشرة:
 ﴿ .... سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾(سورة النحل آية 97)
ثانيا الأحاديث الشريفة
الحديث الأول:
فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ (مسند الإمام أحمد الجزء 45 ص 10 لطبعة: الأولى، 1421 هـ)
الحديث الثاني:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ، فَقَالَ: «قَدْ قَضَى» قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَبَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى القَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَوْا، فَقَالَ: «أَلاَ تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلاَ بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يَضْرِبُ فِيهِ بِالعَصَا، وَيَرْمِي بِالحِجَارَةِ، وَيَحْثِي بِالتُّرَابِ» ( صحيح البخاري باب البكاء على الميت الجزء 2 ص 84, وصحيح مسلم الجزء 2 ص 636)
الحديث الثالث:
عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ» (مسند الإمام أحمد حديث محمود بن لبيد الجزء 39ص 41)
الحديث الرابع:
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله -قال أبو معاوية -عليكم» (صحيح مسلم كتاب الزهد والرقائق الجزء 4 ص 2275)
الحديث الخامس:
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، أَوْ كَشَفَ سِتْرًا، فَإِذَا النَّاسُ يُصَلُّونَ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا رَأَى مِنْ حُسْنِ حَالِهِمْ، وَرَجَاءَ أَنْ يَخْلُفَهُ اللَّهُ فِيهِمْ بِالَّذِي رَآهُمْ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّمَا أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ، فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي عَنِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي، فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي»(سنن ابن ماجه باب ما جاء في الصبر على المصيبة الجزء 1 ص 510 وقد صححه الألباني )
الحديث السادس:
قَالَتِ الأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ نَتَدَاوَى؟ قَالَ: نَعَمْ، يَا عِبَادَ اللهِ تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ شِفَاءً، أَوْ قَالَ: دَوَاءً إِلاَّ دَاءً وَاحِدًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: الهَرَمُ. حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (سنن الترمذي باب ما جاء في الدواء والحث عليه الجزء3 ص 451) 
 
 
الحديث السابع:
فقال أنس: لقد رأيته وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون» (صحيح مسلم باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان الجزء 4 ص 1807)
الحديث الثامن:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له» (صحيح مسلم باب المؤمن أمره كله خير الجزء 4 ص 2295)
الحديث التاسع:
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء» وفي الباب عن أبي هريرة: «هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه» (سنن الترمذي باب ما جاء في هوان الدنيا على الله الجزء الرابع ص 560 صححه الألباني)
الحديث العاشر:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» (صحيح البخاري باب ليس منا من شق الجيوب الجزء 2 ص 81)
الحديث الحادي عشر:
عن ابن عباس، قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: «يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» هذا حديث حسن صحيح "(سنن الترمذي الجزء الرابع ص 667)
 
الحديث الثاني عشر:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي " (صحيح البخاري باب تمني المريض الموت الجزء 7 ص 121، صحيح مسلم باب كراهة تمني الموت لضر نزل به الجزء 4 ص 2064) 
الحديث الثالث عشر:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَزَالُ الْعَبْدُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ". قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَيْفَ يَسْتَعْجِلُ؟ قَالَ: " يَقُولُ دَعَوْتُ رَبِّي فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي (مسند الإمام أحمد مسند أنس بن مالك رضي الله عنه الجزء 20 ص 311)
الحديث الخامس عشر:
 لا يفرك ن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر» لا يفرك مؤمن مؤمنة) (صحيح مسلم باب الوصية بالنساء الجزء 2 ص 1091)
تفسير وشرح الآية الأولى:
﴿ .. فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾(سورة االبقرةآية رقم 7)
اتباع أوامر الله تعالى فيها الأمن من الخوف والحزن اللذان يسببا أغلب الأمراض. ومن ذلك المنطلق قد وصف الله تعالى العلاج من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الأمراض.
قال الجوزي (لأولى -1422 هـ) فلا خوف عليهم فيما يستقبلون من العذاب، ولا هم يحزنون عند الموت. والخوف لأمر مستقبل، والحزن لأمر ماض. (الجزء 1 ص 58)
 ويستخرج أبن عثيمين (الأولى، 1423 هـ) فوائد قيمه  
     أن الهدى من عند الله؛ لقوله تعالى: (فإما يأتينكم مني هدًى) فإن قال قائل: "إنْ" في قوله تعالى: {فإما} لا تدل على الوقوع؛ لأنها ليست كـ "إذا"؟ قلنا: نعم، هي لا تدل على الوقوع، لكنها لا تنافيه؛ والواقع يدل على الوقوع. أنه ما من أمة إلا خلا فيها نذير؛ وممكن أن نقول: في هذه الصيغة. {فإما يأتينكم}. ما يدل على الوقوع؛ وهو توكيد الفعل. ويتفرع على هذه الفائدة: أنك لا تسأل الهدى إلا من الله عزّ وجلّ؛ لأنه هو الذي يأتي به.
ومن فوائد الآية: أن من اتبع هدى الله فإنه آمن من بين يديه، ومن خلفه؛ لقوله تعالى:(فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)  
ومنها: أنه لا يتعبد لله إلا بما شرع؛ لقوله تعالى: (فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) 
ومنها: أن من تعبد لله بغير ما شرع فهو على غير هدى؛ فيكون ضالاً كما شهدت بذلك السنة؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم
ينبغي على القائمين على التربية غرس طاعة الله تعالى في قلوب النشء وأيضا دور المرشدين الطلابيين في المدارس توجيه الطلاب على طلب الهداية خاصة لمن يجدونه حزين وخائف.
تفسير وشرح الآية الثانية:
﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ......﴾(سورة آل عمران آية رقم176) 
هنا نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الحزن إذا استمر على أمر قد كتبه الله تعالى. فالحزن يحصل لكل الناس ولكن في حالة استمراره قد يؤدي الى الاكتئاب. وفي هذه الآية الكريمة تهديئة لقلب النبي صلى الله عليه وسلم. فالأمر للنبي أمر للمسلمين جميعا لأنه هو القدوة. قد يقول قائل هل الحزن اختياري؟ الجواب لا ولكن النهي هنا عن أسبابه. فيجب على المسلم أن لا يطيل الحزن ولا يلتفت اليه كثير حتى يمكن أن يعالج من أعراض الحزن. ويجب على المؤمن أن يعتقد في قضاء الله تعالى أنه حكمه
يقول الرازي في تفسيره للآية الكريمة
      وَهُوَ أَنَّ الْحُزْنَ عَلَى كُفْرِ الْكَافِرِ وَمَعْصِيَةِ الْعَاصِي طَاعَةٌ، فَكَيْفَ نَهَى اللَّهُ عَنِ الطَّاعَةِ؟
وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ كَانَ يُفَرِّطُ وَيُسْرِفُ فِي الْحُزْنِ عَلَى كُفْرِ قَوْمِهِ حَتَّى كَادَ يُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 
لُحُوقِ الضَّرَرِ بِهِ، فَنَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْإِسْرَافِ فِيهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ الثَّانِي: أَنَّ الْمَعْنَى لَا يُحْزِنُوكَ بِخَوْفِ أَنْ يَضُرُّوكَ وَيُعِينُوا عَلَيْكَ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ:
إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يَعْنِي أَنَّهُمْ لَا يَضُرُّونَ بِمُسَارَعَتِهِمْ فِي الْكُفْرِ غَيْرَ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يَعُودُ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِمْ أَلْبَتَّةَ.
 قال حطيبة (دروس صوتية)
     لا تصل بك الحسرة إلى أن تقتل نفسك من شدة الحزن على هؤلاء، فهم لا يستحقون ذلك، وفيه التنبيه على أن الإنسان الذي يدعو إلى الله يدعو بقلبه، ويحرص على أن يدخل الناس في دين الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك مما طلعت عليه الشمس). وإذا فرضنا أن المدعو لم يستجب للذي دعاه، فليس المعنى أن الدعوة ضاعت؛ لأنه لم يستجب، ولكن ادع هذا وادع غيره وهكذا، وثق أن الهدى بيد الله، إن شاء هداه، وإن شاء تركه على ضلاله (http://www.islamweb.net)
على الامة أن تنتبه في سياستها التعليمية بأن تراعي المبدأ الإسلامي بعدم الاستمرار على الحزن لما قد يؤدي الى أمراض نفسية وأيضا عضوية بأن تجعل المدارس بيئة للسعادة .
يقول الدكتور أليكس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب ان رجال الاعمال الذين لا يعرفون مجابهة القلق يموتون باكرا فالحزن والقلق يؤدي الى المرض وتلف الجسم والموت السريع..والحزن ايضا يسبب قرحة المعدة. يقول الدكتور جوزيف مونتاغيو (أنت لا تصاب بالقرحة بسبب ما تتناول من طعام بل بسبب ما يأكلك)..!!ويقصد بما يأكلك الحزن والقلق.وطبقا لمجلة (لايف) تأتي القرحة في الدرجة العاشرة من الأمراض الفتاكة التي تودي بحياة العديد من الأشخاص.واليكم بعض آثار الحزن والقلق على جسم الإنسان : أمراض القلب. رفع ضغط الدم. الروماتيز قرحة المعدة الإصابة بالبرد. تلف الغدة الدرقية. مرض السكري. التهاب المفاصل. التأثير على توزيع الكالسيوم في الجسم وبالتالي تلف الأسنان.الانهيار العصبي.أما الخطر الكبير للحزن والقلق هو الانتحار. (http://www.sehha.com/world/index.php?showtopic=10534) تفسير وشرح الآية الثالثة:
﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾(سورة الشعراء آية رقم3) الله تعالى يبين هنا حرص النبي صلى الله عليه وسلم بأنه حزين على عدم هداية البشرية وأيضا في هذه الآية الكريمة ارشاد من الله تعالى بعدم الحزن المستمر. 
قال الفوزان (الطبعة: الأولى -1427 هـ) أي لعلك مهلك نفسك أن لا يكونوا مؤمنين من أجل الحزن عليهم، فلا تحزن عليهم، وهذا من كمال نصحه صلى الله عليه وسلم. (الجزء 1 ص 178)
فيجب على المربي أن يكون حريصا رحيما على طلابه مبينا ذلك لهم؛ لأن العلاقة بين المعلم وطالبه في الإسلام مبنية على الرحمة والمحبة. وقد كان المربي الأول وقدوة كل معلم صلى الله عليه وسلم كذلك. ليس علاقة عابرة كما هو سائد وملاحظ في علاقة بعض المعلمين مع طلابهم.
تفسير وشرح الآية الرابعة:
﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾(سورة الحديد آية رقم22, 23)
المسلم يمتاز عن غيره بالإيمان بالقدر خيره وشره. وهذا يجعله يتغلب على الحزن. فإن بعض الناس ما إن يتضرر في بدن أ يفقد حبيب أو يخسر ماله أو أي شيء يكرهه فإنه يجزع فلو استشعر بأن ما أصابه من الله تعالى الذي قدر كل شيء بحكمة بالغة.
ويقول عبد الوهاب (لطبعة: الأولى، 1423هـ) 
     وأما أمره بالفرار من المجذوم، ونهيه عن إيراد الممرض على المصح، وعن الدخول إلى موضع الطاعون، فإنه من باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى، وجعلها أسبابًا للهلاك والأذى، والعبد مأمور باتقاء أسباب الشر إذا كان في عافية، فكما أنه يؤمر أن لا يلقي نفسه في الماء أو في النار أو تحت الهدم أو نحو ذلك مما جرت العادة بأنه يهلك ويؤذي، فكذلك اجتناب مقاربة المريض كالمجذوم، وقدوم بلد الطاعون، فإن هذه كلها أسباب للمرض والتلف، والله تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها لا خالق غيره ولا مقدر غيره.
وأما إذا قوي التوكل على الله، والإيمان بقضائه وقدره فقويت النفس على مباشرة بعض هذه الأسباب اعتمادًا على الله ورجاء منه أن لا يحصل به ضرر ففي هذه الحال تجوز مباشرة ذلك لا سيما إذا كانت فيه مصلحة عامة أو خاصة. (الجزء 1 ص 365)
عقيدة المسلم إن هذا الكون الفسيح وما يجري عليه من أمور مقدر من الله تعالى وهو الهادي ويجب على المسلم العمل بالأسباب يقول ابن عثيمين (الطبعة الثالثة 1415هـ) 
     ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة". رواه مسلم وأنه لا يكون شيء في السماوات والأرض إلا بإرادة الله ومشيئته الدائرة بين الرحمة والحكمة يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته وسلطانه وهم يسألون وما وقع من ذلك فإنه مطابق لعلمه السابق ولما كتبه في اللوح المحفوظ لقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}
وعلى المسلم أن يجتهد في العمل ولا يحزن على أمر قد فاته لعلمه أن هناك خير له في ذلك فيكون مستسلم لله تعالى ويقول البدراني ف كتابه القضاء والقدر هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم. وعليه إذا أذنب أن يستغفر ويتوب، ولا يحتج على الله بالقدر، ولا يقول: أي ذنب لي وقد قدر علي هذا الذنب ; بل يعلم أنه هو المذنب العاصي الفاعل للذنب، وإن كان ذلك كله بقضاء الله وقدره ومشيئته، إذ لا يكون شيء إلا بمشيئته وقدرته وخلقه ; لكن العبد هو الذي أكل الحرام، وفعل الفاحشة، وهو الذي ظلم نفسه ; كما أنه هو الذي صلى وصام وحج وجاهد، فهو الموصوف بهذه الأفعال ; وهو المتحرك بهذه الحركات، وهو الكاسب بهذه المحدثات، له ما كسب وعليه ما اكتسب، والله خالق ذلك وغيره من الأشياء لما له في ذلك من الحكمة البالغة بقدرته التامة ومشيئته النافذة قال تعالى) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ (فعلى العبد أن يصبر على المصائب وأن يستغفر من المعائب, والله تعالى لا يأمر بالفحشاء، ولا يرضى ( المجلد 1 ص 15 )
 ويقول الشنقيطي (1415 ه) في أضواء البيان 
 أَيْ بَيَّنَّا لَكُمْ أَنَّ الْأَشْيَاءَ مُقَدَّرَةٌ مَكْتُوبَةٌ قَبْلَ وُجُودِ الْخَلْقِ، وَأَنَّ مَا كَتَبَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ لِأَجْلِ أَلَّا تَحْزَنُوا عَلَى شَيْءٍ فَاتَكُمْ، لِأَنَّ فَوَاتَهُ لَكُمْ مُقَدَّرٌ، وَمَا لَا طَمَعَ فِيهِ قَلَّ الْأَسَى عَلَيْهِ، وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ، لِأَنَّكُمْ إِذَا عَلِمْتُمْ أَنَّ مَا كَتَبَ لَكُمْ مِنَ الرِّزْقِ وَالْخَيْرِ لَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَكُمْ قَلَّ فَرَحُكُمْ بِهِ، وَقَوْلُهُ: «تَأْسَوْا» مُضَارِعُ أَسِيَ بِكَسْرِ السِّينِ يَأْسَى بِفَتْحِهَا أَسًى بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى الْقِيَاسِ، بِمَعْنَى حَزِنَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. (الجزء 7 ص 549)
  تفسير وشرح الآية الرابعة:
﴿.... إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾(سورة لقمان آية رقم 18)
الفرح الشديد قد يؤدي الى الاحتيال والتكبر وهو من الأمراض النفسية التي ينبغي للمسلم أن يتجنب ذلك. وفي هذه الآية الكريمة بيان صفة لله تعالى وهي صفة الحب فإن كل مختال وفخور يحرمون من محبة الله تعالى. ندعو الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يمن الله تعالى علينا بالمحبة والرضى. 
قال السلمان( 1418 هـ) (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً) الآية وقال (إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء) الآية (أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) والآيات في القرآن كثيرة في ذم الكبر وأما السنة، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل ممن كان قبلكم يجر إزاره من الخيلاء فخسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة رواه البخاري والنسائي فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقال أبو بكر يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أني أتعاهده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنك لست ممن يفعله خيلاء رواه مالك والبخاري . (الجزء 1 ص 157)
قال طنطاوي (الطبعة الأول ى1997) وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتواضع، ونهى عن التكبر والغرور، وبين سوء عاقبة ذلك في أحاديث كثيرة، منها ما رواه مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله-تعالى-أوحى إلى أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغى أحد على أحد» (الجزء 8 ص 353)
ومن المعلوم أن حصول العلم يتأتى بالتواضع وعدم الكبر حتى يقبل أراء المعلم فالعلم النافع يدعو إلى التواضع فال النبي صلى الله عليه وسلم: ِنَّ اللهَ أَوْحَى إِليَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ (صحيح مسلم باب الصفات التي يعرف بها الجزء 4 ص 2198) فالتواضع وسيلة الى طلب العلم. 
فينبغي تربية الطالب وتعويده الاصغاء، فيدرك اهمية وجود الآخرين وتعويده كذلك على احترام الآخرين وعلى العمل الجماعي.
  تفسير وشرح الآية الخامسة:
﴿.... وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾(سورة الزمرآية رقم 10)
فمفهوم الابتلاء عند المسلمين يقينا الحزن والاكتئاب فنجد من آثار الصحبة الذين ابتلوا وصبروا بل حمدوا الله تعالى البلاء كثيرة فمنهم الخنساء كانت كئيبة بموت أخيه فيل الإسلام وما أن دخلت الإسلام وآمنت حتى كانت تحث ابناءها على الجهاد وفي معركة القادسية وصلها نبأ استشهاد أولادها جميعا الأربعة يقال الإستانبولي قالت رضي الله عنها: الحمد الله الذي شرفني بقتلهم جميعا، وأرجوا من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته (في كتابه نساء حول النبي ص 258) فما الذي غير تلك المرأة أنه مفهوم الصبر عند الابتلاء. 
قال البدراني في كتابه شفاء الضرر بفهم التوكل والشفاء والقدر 
فللبلاء في حق المؤمنين طعم آخر، حتى إن خواصهم ليفرحون بالبلاء كما يفرح غيرهم بالعطاء، مع ما يُدَخر لهم في الآخرة من الأجر المُضاعف، كما قال أبو سعيد الخدري: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فوضعت يدي عليه فوجدت حره بين يدي فوق اللحاف، فقلت: يا رسول الله ما أشدها عليك! قال: إنا كذلك يضعف لنا البلاء ويضعف لنا الأجر. قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، قلت: يا رسول الله ثم من؟ قال: ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلي بالفقر حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يحويها، وإن كان أحدهم (الجزء 1 ص 45) 
وينبغي للمؤمن أن يعلم أن تغير البيئة لها ثر تخفيف المصيبة وقال الطبري (الأولى، 1420 هـ) عن مجاهد، قوله: (وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ) فهاجروا واعتزلوا الأوثان. (الجزء 21 ص 269)
 يقول الفوزان والمراد بالمهاجر: هو الذي يترك بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام فرارًا بدينه، ويكون قصده إقامة دينه في بلاد المسلمين، والفرار به من بلاد الكفر والضلال، فإن من كانت هذه نيته، فإن الله وعده بأن يجد له وطنًا يستطيع فيه إقامة دينه، وأرض الله واسعة، كما قال تعالى: {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] ، {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت: 56] ، وغير ذلك من الآيات، والمراد بالهجرة الشرعية هو ما ذكرنا: أن يكون قصد الإنسان الفرار بدينه من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، فهذا هو الذي وعده الله بالخير في الدنيا والآخرة.( الجزء 1 ص 75)
الصبر له ثلاثة أركان: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة.
قال الصلابي (السابعة، 1429 ه) كان القرآن الكريم يخفف عن الصحابة ويدافع عنهم، ويحصنهم ضد الحرب النفسية، وبذلك لم تؤثر تلك الحملات ووسائل التعذيب على قلوب الصحابة، لقد تحطمت كل أساليب المشركين في محاربة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أمام العقيدة الصحيحة، والمنهج السليم الذي تشرَّبه الرعيل الأول. (الجزء1 ص 170)
تفسير وشرح الآية السادسة:
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾(سورة النحل آية 97)
إن هذه الآية الكريمة تدل على كيفية الحصول على الحياة الطيبة فما هي الحياة الطيبة؟ الحياة الطيبة هي معنى شامل يندرج تحته السعادة والطمأنينة أن من يجعل الانسان سعيداً ويهنأ بالعيش الطيب هو خالقه تعالى فينبغي للعبد ان يعيش حياة ايمانية. وفي هذه الآية الكريمة مبدأ عظيم وهو التفاضل ليس للجنس وإنما بالعمل وإن قيمة المرأة في الإسلام عظيمة.
 قال ابن عثيمين (1422 هـ) فالإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته: يثمر للعبد محبة الله وتعظيمه الموجبين للقيام بأمره واجتناب نهيه، والقيام بأمر الله تعالى واجتناب نهيه يحصل بهما كمال السعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الجزء 1 ص 32)
وقد أجاد في تفسير هذه الآية الكريمة ابن كثير (1420هـ) هَذَا وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ عَمِلَ صَالِحًا وَهُوَ الْعَمَلُ الْمُتَابِعُ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ، وَقَلْبُهُ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنَّ هَذَا الْعَمَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ مَشْرُوعٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ -بِأَنْ يُحْيِيَهُ اللَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً فِي الدُّنْيَا وَأَنْ يَجْزِيَهُ بِأَحْسَنِ مَا عَمِلَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ. وَالْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ تَشْمَلُ وُجُوهَ الرَّاحَةِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ
إنَّ تسجيل أعلى نسبة انتحار في دول ترفع راية الإلحاد واللاتينية بسبب البعد عن الايمان والإسلام ولهذا يجب تربية النشء تربية ايمانية حتى يحصل الصحة النفسية. وإن كثيرا من المدارس النفسية تجاهلت أثر الايمان؛ ولهذا كان لازما على المربيين توضيح ذلك الأثر الكبير المسلمين.
تفسير وشرح الآية السابعة:
﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾(سورة الحجرآية رقم 97,98,99)
قد أرشد الله تعالى في هذه الآية الكريمة على علاج عظيم للحزن والهم والكرب وهو التسبيح والصلاة إخلاص العبادة وهذا الأمر مشاهد.
وقال الطبري (الطبعة الأولى، 1420 هـ) يقول: فافزع فيما نابك من أمر تكرهه منهم إلى الشكر لله والثناء عليه والصلاة، يكفك الله من ذلك ما أهمّك، وهذا نحو الخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا حَزَبَه أمر فَزِع إلى الصلاة. (الجزء 19 ص 159)
ويقول الرازي (الطبعة: الثالثة - 1420 هـ) إِنَّهُ تَعَالَى أَمَرَهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: التَّسْبِيحُ: وَهُوَ قَوْلُه فَسَبِّحْ وَالتَّحْمِيدُ: وَهُوَ قَوْلُهُ بِحَمْدِ رَبِّكَ، وَالسُّجُودُ: وَهُوَ قَوْلُهُ: وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَالْعِبَادَةُ، وَهِيَ قَوْلُهُ: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ تُزِيلُ ضِيقَ الْقَلْبِ، وَتُفِيدُ انْشِرَاحَ الصَّدْرِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ الْعِبَادَةَ تُوجِبُ الرُّجُوعَ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى الْحَقِّ، وَذَلِكَ يُوجِبُ زَوَالَ ضِيقِ الْقَلْبِ. (الجزء 1 ص 214)
ينبغي على المؤسسات التربوية الحرص على إقامة الصلوات الجماعية في المدارس حتى تغرس ذلك في قلوب النشء وأيضا ينبغي على المرشدين الطلابيين ارشاد الطلاب على التسبيح والتحميد والصلاة والعبادة خاصة لمن يأتيهم يحتاج توجيه وارشاد. 
قال الإمام الشافعي (1410هـ) فَرَضَ عَلَيْهِ إبْلَاغَهُمْ وَعِبَادَتَهُ، وَلَمْ يَفْرِضْ عَلَيْهِ قِتَالَهُمْ وَأَبَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِعُزْلَتِهِمْ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ -لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون (الجزء 4 ص 168) فهنا أوضح الامام الشافعي رحمه الله تعالى توجيه آخر لهذه الآية الكريمة وهو كيفية التعامل مع المسيئين.
تفسير وشرح الآية الثامنة:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾(سورة الحجرات آية 12)
وفي هذه الآية الكريمة أوامر ربانية أولا الابتعاد عن الظن والمراد هنا بالظن أن يبنى موقف من غير أن يكون هناك يقين عليه ثانياً التجسس وهو كما بينه أبو حيان (الطبعة: 1420 هـ) الْبَاحِثُ عَنِ الْعَوْرَاتِ لِيَعْلَمَ بِهَا (الجزء التاسع ص 505) ثالثاً الغيبة وهي ذكرك أخاك بما يكره في غيبته رابعاً التقوى وهي ان تجعل بينك وبين عذاب الله تعالى وقاية. فلو تأمل الانسان في أسباب الحزن والاكتئاب والامراض النفسية لوجدها من أسبابها هو الشك والبحث عن الاخبار التي لا تعود على الانسان بفائدة في دنياه وآخرته وأيضا التفكك الذي يؤدي الى الانطواء ومن أسباب التفكك في المجتمع هو الغيبية التي تؤدي الى الكراهية والبغضاء واستنقاص من المجتمع مع بعضه وهذا مما يخالف مقاصد الشرع. وأيضا من العلاج للنفس البشرية هو تخلص الانسان من الشهوات التي تضعف قلبه ولا يتأتى ذلك إلا بالتقوى ورفعة النفس بالطاعة.
وقال الراجحي (دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية) وقال بعض السلف: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً، فما دمت تجد لها في الخير محملاً فاحملها على ذلك الخير، وأما أن تحملها على الشر بلا دليل فهذا هو ظن الإثم الذي يحاسب عليه الإنسان، وأما إذا كان هناك دليل على ذلك لا بأس. شرح كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية http://www.islamweb.net
 قال الطبري (الطبعة: الأولى، 1420 هـ) مجاهد، قوله (وَلا تَجَسَّسُوا) قال: خذوا ما ظهر لكم ودعوا ما ستر الله. (الجزء 22 ص 304) فالإسلام يأمرنا بالأخذ بالظاهر وهذا فيه علاج من الشك الذي يؤدي الى الحزن.
يقول حطيبة (دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية) 
     والظن هو فعل العقل، فالإنسان يفكر في الشيء بعقله، ولم يحقق شيئاً من ذلك، فقال الله عز وجل: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ}، فإن الظن منه الكثير ومنه القليل، والقليل من الظن غالباً يكون في الخير، والكثير منه يكون ظن سوء، وعلينا أن نجتنب هذا الظن السيء، فإذا رأيت من أخيك شيئاً فاحمله على المحمل الحسن، فإذا لم تفعل وظننت ظن السوء فإن الله يقول: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} أي: إن بعضاً من هذا الظن الذي ظننته في أخيك تأثم عليه وتعاقب عليه عند الله عز وجل.
http://www.islamweb.net
قوله: (ولا تجسسوا)، يقول القاسمي رحمه الله تعالى: ولما كان من ثمرات سوء الظن التجسس؛ لأنه إذا ألقي في القلب ظن سوء، فهذا الظن السيئ يدفع من ظنه إلى أن يتجسس ويتتبع عورات أخيه، فإن القلب لا يقنع بالظن ويطلب التحقيق، فيشتغل بالتجسس، فلذلك قال سبحانه وتعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا))؛ لأن الظن يقود إلى التجسس 
قال القاسمي (الأولى -1418 هـ) إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ. قال: وسبب تحريمه أن أسرار القلوب، لا يعلمها إلا علام الغيوب، فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءا إلا إذا انكشف لك بعيان لا يقبل التأويل. فعند ذلك لا يمكنك أن لا تعتقد ما علمته وشاهدته. وما لم تشاهده بعينك، ولم تسمعه بأذنك، ثم وقع في قلبك، فإنما الشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تكذّبه فإن أفسق الفساق. إلى أن قال: فلا يستباح ظن السوء إلا بما يستباح به المال، وهو بعين مشاهدة، أو بينة عادلة. انتهى.
ولما كان من ثمرات سوء الظن التجسس، فإن القلب لا يقنع بالظن، ويطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس، ذكر سبحانه النهي عنه، إثر سوء الظن لذلك، فقال تعالى: وَلا تَجَسَّسُوا قال ابن جرير: أي لا يتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره، يبتغي بذلك الظهور على عيوبه، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره، وبه فاحمدوا أو ذموا، لا على ما تعلمونه من سرائره.
يقال: تجسس الأمر إذا تطلبه، وبحث عنه، كتلمس. قال الشهاب: الجس (بالجيم) كاللمس، فيه معنى الطلب، لأن من يطلب الشيء يمسه ويجسه، فأريد به ما يلزمه. واستعمل التفعل للمبالغة فيه.
قال الغزاليّ: ومعنى التجسس أن لا يترك عباد الله تحت ستر الله. فيتوصل إلى الاطلاع، وهتك الستر، حتى ينكشف له ما لو كان مستورا عنه، كان أسلم لقلبه ودينه.
وقد روي في معنى الآية أحاديث كثيرة. منها
أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خطب فرفع صوته حتى أسمع العواتق في خدورهن، فقال: «يا معشر من آمن بلسانه، ولم يخلص الإيمان إلى قلبه! لا تتبعوا عورات المسلمين، فإن من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته حتى يفضحه، ولو في جوف بيته».
وفي الصحيح» عنه صلّى الله عليه وسلّم: «لا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا».
ينبغي على القائمين على التربية أن يغرسوا في قلوب طلابهم الاهتمام بالذي ينفعهم وأن يبتعدوا عن نقل الاشاعات خاصة المنتشرة في التقنيات الحديثة. وأن يقدموا النظرة الإيجابية على النظرة السلبية ويكونوا متفائلين.
تفسير وشرح الآية التاسعة:
﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾(سورة النحل آية 97)
هذه الآية فيها معنى ودلالة على الأمل الذي يعالج الضيق والكرب والهم. فالأمل يعطي للحياة سعادة ويزيد من الهمة ونسيان الهموم وبداية تجربة أخرى. الله تعالى قد أكد على التيسير وانفراج العسر. 
قال العمراني (الطبعة: الأولى، 1419هـ) أن اليسر: اسم لما ينفع من أعمال الطاعات ولا العسر اسم لما يضر من أفعال المعاصي، وإنما قالوا اليسر: اسم للغنى والرخاء والسعة والعسر: اسم للفقر والشدة والضيق قال الله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال لأصحابه: "ابشروا لن يغلب عسر يسرين ويسران. (الجزء1 ص 301)
 وهناك أمر يساعد على انفراج الكرب وجلب التيسير قد أوضحه الفوزان
  الذي يعرف الله ويعرف أسماءه وصفاته ومقتضى حمدِه؛ فإنّه لا يقع في هذه الأغلاط أبداً، حتّى ولو بلغ به الأمر والشدّة ما بلغت، لأنّه يعلم أنّ الله لا يفعل إلاّ ما فيه خير له، فيصبر ويرضى بقضاء الله وقدره وينتظر الفرج، ولا ييأس من رحمة الله، بل ينتظر رحمة الله، كلّما اشتدّ الكرب انتظر رحمة الله، بل يزيد الرجاء عند شدّة الكرب، كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "واعلم أنّ النصر مع الصبر، وأنّ الفرج مع الكرب، وأنّ مع العُسر يُسراً"، والله جل وعلا يقول: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ({سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} ، فكلّما اشتدّ الأمر انفرج.( الجزء 2 ص 243)
ويقول ملكاوي (الطبعة: الأولى 1405هـ) هذه الطمأنينة والثقة يفقدها غير المؤمن ولا يعوضها الغنى والترف لما نرى من كثرة حوادث الانتحار والتمزق النفسي في أكثر الدول غنى ورفاهية. (الجزء1 ص 41)
التربية الناجحة هي التي ترفع الحرج والكرب وتكون بيئة جاذبة للطلاب ولا يمكن أن يكون الأمر كذلك إلا عند التيسير لهم في الإمكانيات والتقويم والقدرات بحيث تكون مصدر طمأنينة وراحة ولقد أجاد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط إن انشراح الصدر وسكون النفس وطمأنينة القلب أمل كل من عاش على الغبراء وحاجة كل من مشي في مناكبها باحث عن طيب العيش فيها مريد حيازة أوفى حظ من السعادة لنفسه وإدراك أعظم نصيب من النجاح.
تفسير وشرح الآية العاشرة:
﴿ .... سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾(سورة النحل آية 97)
هذه الآية كالتي سبق شرحها﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾(سورة النحل آية 97) على بيان من الله تعالى على جعله اليسر الذي يمثل كل شيء فيه بساطة وعدم حرج وتكلفة وهذا المعنى يعطي أمل لدى المسلم ولكن المتأمل في هذه الآية يلحظ إن الله تعالى قد جعل اليسر يأتي بعد العسر. وعلى هذا ينبغي على المربي أن يوجه الطلاب ويعلمهم بأن اليسر دائما يسبقه العسر بمعنى أن المشقة في طلب العلم تأتي بالخير واليسر بعد الحصول على العلم 
 يقول الزحيلي (الثانية، 1418 هـ) سيجعل الله بعد ضيق وشدة سعة وغنى، وهذا وعد منه تعالى، ووعده حق لا يخلفه. (الجزء 28 ص 287)
تفسير وشرح الحديث الأول:
فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ (مسند الإمام أحمد الجزء 45 ص 10 لطبعة: الأولى، 1421 هـ)
في هذا الحديث الكريم بيان لفضيلة البلاء. وهو في الحقيقة اختبار من الله للعبد ليرى ما سيصنع، لذلك فالعاقل يعلم أن اختيار الله وقدره دائمًا خير له في كل الأحوال خيرًا كان أم شرًا. ولا يقع البلاء على الافراد بل قد يقع على الجماعات. يقول النابلسي (1276هـ) قال عمر رضي الله عنه: ما ابتُليتُ ببلية إلا كان لله عليَّ فيها أربع نِعم: إذْ لم تكن في ديني، وإذ لم أحرم الرضا، وإذ لم تكن أعظم، وإذ رجوت الثواب عليه (الجزء 2 ص 105). 
أغلب الامراض النفسية التي تصيب الانسان سببها هو الكرب والمصائب فهنا الإسلام المرض بالنظر في مسببها ومن ثم استئصاله.
يقول العجلوني (1420هـ) وفي رواية ابن حبان: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الناس على قدر دينهم، فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه، ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه، وإن الرجل ليصيبه البلاء حتى يمشي في الأرض ما عليه خطيئة. (الجزء 1 ص 148)
وجاء في لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية 1 ذو الحجة 1430، هـ
     فقد قال المفسرون في تفسير الآية الكريمة: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) ما يحل بكم من مصائب الدنيا فإنما تصابون به عقوبة لكم على ما اجترحتم من السيئات والذنوب والآثام، وما عفا الله عنه في الدنيا، أو أخذ به فإنه لا يعاقب عليه في الآخرة، ولذلك فإن الله تعالى اتصف بالرحمة وتنزه عن الظلم. وقال ابن عطية في تفسيره: روي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى أكرم من أن يُثَنِّيَ على عبده العقوبة إذا أصابته في الدنيا مصيبة بما كسبت يداه. رواه أحمد وقال: وقال الحسن: معنى الآية في الحدود: أي ما أصابكم من حد من حدود الله تعالى. فإنما هي بكسب أيديكم، ويعفو الله سبحانه وتعالى عن كثير، فيستره على العبد حتى لا يحد عليه. وأما الحديث: فهو حديث صحيح، قال البخاري في صحيحه: باب: أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل. وفي الترمذي عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فيبتلى الرجل على حسب دينه. والابتلاء معناه الاختبار والامتحان كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء: 35] فالأنبياء هم أكثر ابتلاء واختباراً، وذلك لعلو منزلتهم، وقوة إيمانهم ورفعة مستواهم.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: لأنهم يتلذذون بالابتلاء كما يتلذذ غيرهم بالنعماء، ولأنهم لو لم يبتلوا لَتُوُهِّم فيهم الألوهية، ولِيُتَوَّهَنَ (يضعف) على الأمة الصبر على البلية، لأن من كان أشد بلاء، كان أشد تضرعاً والتجاء إلى الله تعالى.
وعلى هذا؛ فلا تعارض بين الآية والحديث، لأن معنى الآية أن من ارتكب ذنباً فعوقب عليه في الدنيا بإقامة الحد عليه أو مصيبة تصيبه، فهذا من كسب يده، أي بسببه هو، ولن يعاقب عليه مرة أخرى في الآخرة، لأنه نال جزاءه في الدنيا. وأما ما أصاب الأنبياء فهو للابتلاء وزيادة الأجر، ولتأُسي المؤمنين بهم. http://www.islamweb.net
الصبر ليس صفة فطرية وإنما الصبر بالتصبر وعلى الرغم من تهيؤ الطفل لتعلم الصبر فإن تعلمه لن يتم بصورة تلقائية وإذا بلغ الطفل السابعة هي السن يصبح قادرا على البدء بتطبيق ما تعلمه من مهارات الصبر والمعنى العملي للصبر يتضمن ثلاثة أمور: الصبر عند الانتظار، أن يتعامل مع مواقف البلاء والحزن بقوة وعد الجزع، وأن يتحلى بالثبات 
تفسير وشرح الحديث الثاني:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ، فَقَالَ: «قَدْ قَضَى» قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَبَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى القَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَوْا، فَقَالَ: «أَلاَ تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلاَ بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يَضْرِبُ فِيهِ بِالعَصَا، وَيَرْمِي بِالحِجَارَةِ، وَيَحْثِي بِالتُّرَابِ» ( صحيح البخاري باب البكاء على الميت الجزء 2 ص 84, وصحيح مسلم الجزء 2 ص 636)  
في هذا الحديث الكريم بيان حكم البكاء وأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم . فالبكاء هبة من عند الله فهو سمة طبيعية فطرية والبكاء قد يعبر عن الحزن او الفرح) وقد اكد علماء الطب النفسي علي ان البكاء قد يكون نافعا في مواقف معينة مثل التخفيف من الضغط العصبي, الحزن. تقول النواوي ( الاهرام )  د‏/‏ مارجريت كريبو اخصائية العلوم النفسية في جامعة ماركوبت بولاية ميتشجان الأمريكية بعدم التردد في البكاء وذرف الدموع وخاصة في المواقف أو الاحداث المؤلمة ذلك لأن الدموع تقوم بتنظيف وتطهير العيون من البكتيريا العالقة بها‏,‏ ويساعد أيضا البكاء في التنفيس عن 
الشخص واراحته وتقليل التوتر الذي يشعر به‏,‏ لذلك فمن الأفضل عدم كبته‏.‏
http://yyy.ahram.org.eg/archive/2001/8/23/WOMN2.HTM
يقول ابن بطال (الطبعة: الثانية، 1423هـ) قال المهلب: فيه جواز البكاء عند المريض، وليس ذلك من الجفاء عليه والتقريع له، وإنما هو إشفاق عليه، ورقة وحرقة لحاله، وقد بين فى هذا الحديث أنه لا يعذب بدمع العين، وحزن القلب، وإنما يعذب بالقول السيئ ودعوى الجاهلية، (الجزء 3 ص 289)
وقد أجمع العلماء على حواز البكاء يقول (الحريملي) أجمع العلماء على أنَّ البكاء الذي يعذب به هو مجرد النياحة لا مجرَّد دمع العين ونحوه. (الجزء 1 ص 545) إن الله لا يعاقب العبد على بكائه وحزنه، لأنهما خارجان عن إرادته.
وفي هذا الحديث الكريم فوائد كثيرة منها يقول أبو الفضل (لطبعة: الأولى، 1419 هـ)
     فيه زيارة الأئمة وأهل الفضل المرضى، وحضه على ذلك أصحابه، بقوله: " من يعوده منكم؟ "، وفيه السؤال للحاضرين عن أحوالهم، وكذلك إذا كانوا فى شدة، ولا يكلَّفون هم من ذلك ما عساه يشق من الجواب عليهم، وفيه حضور الناس عند من احتضر، وهو مما يتعيَّن على كافتهم، وبخاصة لآله وقرابته، وقد ترك ابن عمر صلاة الجمعة حين دُعى لاحتضار سعيد بن زيد، لشدة حاجة الميت حينئذ إلى من ينظر منه، ويرفق به، ويقوم عليه. وفيه أن للرجل حقًّا فى مثل هذا، وأَنَّه من جاء لعيادةٍ أو قضاء حاجة عند كبير، ثم جاء غيرَهُ وقد ضاق المجلس عند الداخل، أن ينصرف الأولُ أو يفسح له عن قرب المزور حتى يقضى إربه منه.
 فالإسلام يوجب مراعاة الوضع النفسي والاقتصادي وأيضا مراعاة بكائه وأنه أسلوب تنفيسي وعلى المربي أن يوجه الطالب على الصبر وعدم التضجر. 
تفسير وشرح الحديث الثالث:
عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ» (مسند الإمام أحمد حديث محمود بن لبيد الجزء 39ص 41)
في الحديث الشريف توجيه نبوي كريم الصبر عند البلاء وعدم الجزع وإن الجزاء من جنس العمل 
 وفي هذه الأحاديث بشرى عظيمة لكل مؤمن لأن الأذى يصيب في الغالب كل أنسان ويسبب ألم أو حزن أو همّ. فالمسلم المستشعر لهذا الحديث لا يمكن ان يصبه أي مرض نفسي ولو أصابه فسيكون تأثيره أقل. فالله تعالى قد أبان أنه يحب الذين يبتليهم إذا صبروا ولم يجزعوا. يقول التميمي (الطبعة: السابعة، 1377هـ) ورجح ابن القيم أن ثوابها تكفير الخطايا فقط، إلا إذا كانت سببا لعمل صالح، كالصبر والرضا والتوبة والاستغفار، فإنه حينئذ يثاب على ما تولد منها، وعلى هذا يقال في معنى الحديث: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء إذا صبر واحتسب.( الجزء1 ص366) وفد ورد عن السلف نعوت عن فضيلة الصبر على البلاء يقول عبد الغفار(: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية) قال الإمام مالك: من لم يبتل فليشك في إيمانه، وفي محبة الله له. فالمسلم المؤمن هم من يصبر على اقدار الله تعالى يقول حطيبة (دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية)  وأيضا ما أورده شهاب الدين (الطبعة: السابعة، 1323 هـ )  قال المظهري من يرد الله به خيرًا أوصل إليه مصيبة ليطهره به من الذنوب وليرفع درجته ( الجزء8 ص 342). يقول المناوي (الطبعة: الأولى، 1356 )إذا أحب الله قوما ابتلاهم بأنواع البلايا حتى يمحصهم من الذنوب ويفرغ قلوبهم من الشغل بالدنيا غيرة منه عليهم أن يقعوا فيما يضرهم في الآخرة وجميع ما يبتليهم به من ضنك المعيشة وكدر الدنيا وتسليط أهلها ليشهد صدقهم معه وصبرهم في المجاهدة قال {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم}( الجزء 1 ص 246).  يقول حطيبة (دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية) إذا نزلت به المصيبة إما أن يصبر صبر الكرام، وإما أن يسلو سلو البهائم، فالبهيمة عندما تنزل بها المصيبة تصرخ مدة ثم تسكت، فإذا كان الإنسان يصرخ كذلك إذا نزلت به البلية ثم في النهاية يسكت فقد أشبه البهيمة، وأما إذا تصبر وانتظر أمر الله سبحانه وقال: يا رب يا رب، وطلب الفرج من الله عز وجل فهذا صبر الكرام. http://www.islamweb.net
يقول ابن عثيمين (فتاوى نور على الدرب)
      يدل لذلك الأمر الواقع فإن الله ابتلى أنبياءه ورسله ببلايا عظيمة حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوعك يعني تصيبه الحمى كما يوعك الرجلان منا وحتى إنه عليه الصلاة والسلام أوذي من قومه ومن غيرهم إيذاء شديداً ولهذا قال الله تعالى (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ) وابتلى الله تعالى أيوب حتى قال (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) وقصص القرآن في هذا كثير وأهل الله وأحبابه إذا ابتلاهم الله عز وجل بشيء قاموا بوظيفة هذا الابتلاء فصبروا وانتظروا الفرج من الله واحتسبوا الأجر على الله عز وجل فحصل لهم بذلك رفعة المقامات ومن المعلوم أن البلاء يحتاج إلى صبر وأن الصبر منزلة عالية لا تنال إلا بوجود الأسباب التي يصبر عليها فلهذا كان الله عز وجل يبتلي الرسل والأنبياء والصالحين من أجل أن ينالوا مرتبة الصبر ويوفقهم للصبر من أجل أن ينالوا مرتبة الصابرين.( الجزء24 ص 2)
وينبغي على المؤسسات التربوية أن تشجيع النشء على الصبر: بشكر وتشجيع من يتحلى به في موقف معين وتربيتهم إن أي أمر في هذا الكون الفسيح مقدر من الله وأن البلاء لو صبر العبد عليها سوف ينال الاجر والمثوبة عن طريق تعليمهم تلك النصوص. وكانوا السلف يربون أبنائهم على الصبر 
تفسير وشرح الحديث الرابع:
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله -قال أبو معاوية -عليكم» (صحيح مسلم كتاب الزهد والرقائق الجزء 4 ص 2275)
في هذا الحديث توجيه تربوي بأن لا ينظر الى من هو أفضل منه في أي شيء من أمور الدنيا لأن ذلك يؤدي الى الحزن وعدم الشكر وأيضا الحسد والكراهية والدونية التي تصيب الانسان إذا ما رأى من هو أفضل منه، وأيضا التوجيه الى النظر فيما هو أدنى من الانسان لأن ذلك يؤدي الى الشكر والرضا الذي الاقتناع فيحصل للإنسان الصحة النفسية 
قال الحجاج (الأولى 1416 هـ) انْظُرُوا إِلَى من أَسْفَل مِنْكُم قَالَ بن جرير وَغَيره هَذَا حَدِيث جَامع لأنواع من الْخَيْر لِأَن الْإِنْسَان إِذا رأى من فضل عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا طلبت نَفسه مثل ذَلِك واستصغر مَا عِنْده من نعْمَة الله تَعَالَى وحرص على الازدياد وَإِذا نظر إِلَى من هُوَ دونه فِيهَا ظَهرت لَهُ نعْمَة الله فشكرها وتواضع وَفعل فِيهِ الْخَيْر (الجزء 6 ص 277)
 فالنظر الى من هو أفضل يورث في العبد ازدراء نعمة الله تعالى يقول الحطيبة (دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية)
      قال حطيبة فلا تنظر إلى من هو أحسن منك في الخلْق، فقد تكون أنت ضعيف البنية، ولكن أعطاك الله عز وجل من نعمته صحةً، وإن كنت أقل من غيرك.
لو أنك لو نظرت إلى من هو أقوى منك، وإلى من هو أكثر منك صحة، فستحسد هذا الغير، وتستقل نعمة الله سبحانه وتعالى عليك، لذلك جاء في رواية أخرى لهذا الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم).
إن ازدراء نعمة الله هو: احتقار نعمة الله سبحانه وتعالى، فلو أنك نظرت إلى من هو فوقك دائماً فإنك تتعب نفسك وقلبك وتقول: إن فلاناً أحسن مني، أو أقوى مني، ومهما نظرت إلى الإنسان القوي ستجد من هو أقوى منه، فإذا كان في الإنسان من هو قوي، ففي الحيوان من هو أقوى منه، وإذا كان في الإنسان من هو جميل، ففي الحيوان والطير من هو أجمل منه، فالله سبحانه وتعالى يقسم بين خلقه كما يشاء سبحانه وتعالى، فلا تنظر إلى من هو فوقك نظرة الحسد ونظرة تمنٍّ لزوال ما عند الناس.
فالممنوع هو النظر إلى من هو فوقك في الخلق، وفي القوة البدنية، وفي المنظر وفي الصحة على وجه الحسد لهذا الإنسان، ولكن لا مانع من أن تنظر إلى من هو أفضل منك في الخلُق، فتقول: يا ليتني أكون مثل هذا الإنسان، فهذا شيء مطلوب شرعاً.
قال في الحديث: (أو المال)، فلو أن إنساناً غنياً عنده ألوف نظر إلى من عنده ملايين فسيحسده، ويقول: لماذا فلان عنده ملايين وأنا لست مثله، والذي عنده ملايين لو نظر إلى الذي عنده مليارات فسيحسده وهكذا، فكل إنسان لو نظر إلى الذي فوقه فسيحسده على ما هو فيه.
يقول سبحانه: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [طه:131].
فإذا عرفت أن الله قد يعطي أناساً ليفتنهم في هذه الدنيا فستقول: الحمد لله الذي لم يعطن هذا الشيء؛ حتى لا يفتنّي في هذه الدنيا، ولا تحسد غيرك.
فهنا يأمرك النبي صلى الله عليه وسلم أنك إذا أردت أن تنظر فانظر إلى من هو أسفل منك، فقال في الحديث في الرواية الأخرى: (انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم)، فعندما تنظر إلى الأقل منك تعلم أنك في صحة وعافية، فانظر إلى المرضى وقل: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به، وفضلني عليكم وعلى كثير ممن خلق من عباده تفضيلاً، فيكون أجدر أنك تحمد الله سبحانه وتعالى، ولا تحتقر نعمته عليك.
وأيضاً في المال: انظر إلى من هو أفقر منك، فتعلم أن الله أعطاك مالاً، وأعطاك نعماً، وتعلم أنك إن تغديت وتعشيت فغيرك لا يلقى مثل هذا الشيء، فأنت أفطرت وتسحرت وغيرك لو فطر لعله لا يتسحر، فتقول: الحمد لله؛ لقد أعطاني الله سبحانه وفضلني على كثير من خلقه. http://www.islamweb.net) الجزء 19 ص 4) 
وينبغي للقائمين على التربية مراعاة الفروق الفردية وأيضا محاولة المساوة فيما بين الطلاب بحيث يعطى كل واحد على قدر استيعابه وقدراته وأيضا عدم ضرب الأمثلة للطلاب لمن هم أفضل منهم حتى لا تؤثر فيهم ويمتثلوا لما جاءهم من النصوص الشرعية 
تفسير وشرح الحديث الخامس:
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، أَوْ كَشَفَ سِتْرًا، فَإِذَا النَّاسُ يُصَلُّونَ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا رَأَى مِنْ حُسْنِ حَالِهِمْ، وَرَجَاءَ أَنْ يَخْلُفَهُ اللَّهُ فِيهِمْ بِالَّذِي رَآهُمْ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّمَا أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ، فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي عَنِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي، فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي»»(سنن ابن ماجه باب ما جاء في الصبر على المصيبة الجزء 1 ص 510 وقد صححه الألباني )
ففي الحديث الشريق توجيه كريم بأن يصبر العبد على المصائب حتى لا يصاب بالحزن وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم علاج لذلك وهو التصبر بما حل بالنبي صلى الله عليه وسلم لأن ليس يوزي تلك المصيبة أي مصيبة. فتهون عليه المصيبة.
يقول السفاريني (الطبعة : الثانية ، 1414 هـ) قَالَ فِي تَسْلِيَةِ أَهْلِ الْمَصَائِبِ: وَمِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ فِي الدُّنْيَا مَوْتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ الْمُصِيبَةَ بِهِ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ يُصَابُ بِهَا الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّ بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْقَطَعَ الْوَحْيُ مِنْ السَّمَاءِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَانْقَطَعَتْ النُّبُوَّاتُ، وَكَانَ مَوْتُهُ أَوَّلَ ظُهُورِ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ بِارْتِدَادِ الَّذِينَ ارْتَدُّوا( الجزء 2 ص344) ويقول المراوعي (الطبعة: الثالثة، 1426 هـ) ويرحم الله تعالى القائل:
تذكّرت لمّا فرّق الدّهر بيننا ... فعزّيت نفسي بالنّبيّ محمّد
وقلت لها: إنّ المنايا سبيلنا ... فمن لم يمت في يومه مات في غد
ومن هذا السنة نستفيد إن سياسة البدائل في ترك الأمر القبيح من الوسائل الشرعية فقد سلى النبي صلى الله عليه وسلم قلب المصاب بالتصبر بمصيبته.
تفسير وشرح الحديث السادس:
قَالَتِ الأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ نَتَدَاوَى؟ قَالَ: نَعَمْ، يَا عِبَادَ اللهِ تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ شِفَاءً، أَوْ قَالَ: دَوَاءً إِلاَّ دَاءً وَاحِدًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: الهَرَمُ. حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (سنن الترمذي باب ما جاء في الدواء والحث عليه الجزء3 ص 451) 
في هذا الحديث الشريف مشروعية العلاج من كل الأمراض النفسية والعلاجية وأيضاً بيان حقيقية علمية بأن الله قد يفهم الناس علاج لكل الامراض الا الهرم وهو كبر السن يقول الكحيل (موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم) خرج العلماء بنتيجة ألا وهي أنه لا علاج للهرم في الوقت الحالي، ولكنهم مستمرون في أبحاثهم ومستمرون في إنفاق المليارات لعلاج الهرم وإطالة العمر ولكن دون أي فائدة. (http://kaheel7.com/pdetails.php?id=478&ft=5)
يقول البروفسير لي سيلفر من جامعة برينستون الأمريكية: "إن أي محاولة لبلوغ الخلود تسير عكس الطبيعة فالموت ينسجم تماما مع التطور، إذ إننا نورث جيناتنا للأجيال القادمة، وإن لم نمت، فسنظل موجودين نصارع أطفالنا على الحياة، وهذا ليس أمرا جيدا لعملية التطور". (نفس المرجع السابق)
ويقول الغنيمان (دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية) 
     قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات، وإبطال قول من أنكرها، والأمر بالتداوي، وأنه لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع ألم الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله تعالى مقتضية لمسبباتها قدراً وشرعاً، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل؛ فإن تركها عجز ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله تعالى في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً.( http://www.islamweb.netالجزء17 ص 17)
ينبغي على المؤسسات التربوية في البلاد الإسلامية أن تهتم بالطب وعلم الصيدلة وأيضا الاهتمام بالتربية الصحية.
تفسير وشرح الحديث السابع:
فقال أنس: لقد رأيته وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون» (صحيح مسلم باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان الجزء 4 ص 1807)
في هذا الحديث الشريف مشروعية البكاء وانه كما ذكرنا سابقا مفيد ولكن البكاء الذي ليس فيه أي تسخط واعتراض وايضاُ في الحديث الشريف بيان لما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من البلاء وهو أفضل الخلق جميعا ومن هذا المعنى العزيز يسلى قلب المؤمن إذا أُصيب بالبلاء والكرب وأيضا. فيه بيان الصبر الذي كان عليه صلى الله عليه وسلم وأنه بلغ صلى الله عليه وسلم الرضا
يقول ابن القيم (1415هـ) بُكَاؤُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ مِنْ جِنْسِ ضَحِكِهِ لَمْ يَكُنْ بِشَهِيقٍ وَرَفْعِ صَوْتٍ، كَمَا لَمْ يَكُنْ ضَحِكُهُ بِقَهْقَهَةٍ، وَلَكِنْ كَانَتْ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ حَتَّى تَهْمُلَا، وَيُسْمَعُ لِصَدْرِهِ أَزِيزٌ. وَكَانَ بُكَاؤُهُ تَارَةً رَحْمَةً لِلْمَيِّتِ، وَتَارَةً خَوْفًا عَلَى أُمَّتِهِ وَشَفَقَةً عَلَيْهَا، وَتَارَةً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَتَارَة عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ (الجزء 1 ص 176)
وفي دراسة علمية اثبتت أن البكاء له فوائد ويخفف من الأحزان (الشرق الأوسط العدد 10988) احتواء دموع البكاء على هورمونات التوتر، وعمل الدموع على تخليص الجسم من هذه الهورمونات المتسببة في التوتر حال تجمعها في الجسم. وعليه فإن من إحدى آليات استفادة الإنسان من البكاء وذرف الدموع معه هي تلك الراحة النفسية التي يشعر الشخص الباكي بها بُعيد انتهاء نوبة البكاء.
http://www.aawsat.com/details.asp?section=15&article=500639&issueno=10988#.U3JkT_l_tGM
تفسير وشرح الحديث الثامن:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له» (صحيح مسلم باب المؤمن أمره كله خير الجزء 4 ص 2295)
يبين النبي صلى الله عليه وسلم حال المؤمن الشاكر والصابر وان الخير في الدارين قد كتب له إذا شكر الله تعالى بعد النعمة والرخاء بأن لا يتصرف بنعم الله تعالى إلا بما يرضيه وان يشكره بالقول وإن يصبر أذا ما ابتلي وتضرر بأن يحبس لسانه عن التشكي ونفسه عن الجزع وجوارحه عن شق الجيوب وضرب الخدود. لو استشعر ذلك المؤمن لكان ذلك علاجاً له من الامراض النفسية 
وهناك فائدة تربوية من هذا الحديث ذكرها الغزالي (إحياء علوم الدين) فَإِنَّ مَصَائِبَ الدُّنْيَا طُرُقٌ إِلَى الآخرة من وجهين أحدهما الوجه الذي يكون به الدواء الكريه نعمة في حق المريض ويكون المنع من أسباب اللعب نعمة حق الصبي فإنه لو خلي واللعب كان يمنعه ذلك عن العلم والأدب فكان يخسر جميع عمره (الجزء 4 ص 130)
وهناك فضائل في الابتلاء من السنة ذكرها عبد الواحد (الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة) ا
عَن صُهَيْب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "عجبا لأمر الْمُؤمن إِن أمره كُله خير إِن أَصَابَته سراء شكر فَكَانَ خيرا لَهُ، وَإِن أَصَابَته ضراء صَبر كَانَ خيرا لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِك لأحد إِلَّا لمُؤْمِن" رَوَاهُ مُسلم.  عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي النَّاس أَشد بلَاء، قَالَ: "الْأَنْبِيَاء ثمَّ الصالحون ثمَّ الأمثل فالأمثل من النَّاس يبتلى الرجل على حسب دينه، فَإِن كَانَ فِي دينه صلابة زيد فِي بلائه، وَإِن كَانَ فِي دينه رقة خفف عَنهُ، وَمَا يزَال الْبلَاء بِالْعَبدِ حَتَّى يمشي على ظهر الأَرْض وَلَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَة" رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِنَحْوِهِ وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح. عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "مَا يُصِيب الْمُؤمن من وصب وَلَا نصب وَلَا حزن وَلَا هم وَلَا غم حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها إِلَّا كفر الله من خطاياه" أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِمَعْنَاهُ. وعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "لَا يزَال الْبلَاء بِالْمُؤمنِ أَو المؤمنة فِي جسده وَفِي مَاله وَفِي وَلَده حَتَّى يلقى الله وَمَا عَلَيْهِ من خَطِيئَة" رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
الضيق والحرج يمتحن الإيمان، وتظهر للناس خبيئته، حيث تتجرع النفس مرارة الألم، وتعبس الدنيا ويكفهر وجهها. هناك تتجلى قيمة الصبر وفضائله، متى استطاع الإنسان بعزيمته الصادقة وتسليمه بقضاء الله، أن يكبح جماح نفسه الشموس، ويأخذ بمجامعها إلى الجادة، فإذا ذاقت حلاوة الصبر وبرد الإيمان، هجعت واطمأنت، وذهب عنها وهج الحزن وكدره، حتى ترجع أصلب ما تكون عودا، وأقوى في مصاولة خطوب الدنيا ونكساتها.
 ويقول السَلامي (تسلية نفوس النساء والرجال عند فقد الأطفال) وبهذا الدرع الفريد، يتجاوز المسلم أزماته؛ ليحمل مشعل الحياة الكريمة في دروب الأرض وفجاجها الواسعة، ويقوم بالمهمة التي خلق من أجلها، وليكمل مسيرة الخير تحت راية التوحيد الخالدة، فتتحول المنغصات الخانقة، إلى محرك نشط يدفع بالأمة إلى واجهة التاريخ، ويصقل بخشونته النفوس فتعود أكثر تألقا؛ لتعيش هنيئة راغدة في ظل دوحة الإسلام الوارفة، تتفيا ظلالها وتتقلب في خيراتها. (الجزء 1 ص 2)
 
 
يقول اين عثيمين (الأخيرة -1413 هـ) 
     وقد ضل في القدر طائفتان:
إحداهما: الجبرية الذين قالوا: إن العبد مجبر على عمله وليس له فيه إرادة ولا قدرة.
الثانية: القدرية الذين قالوا إن العبد مستقل بعمله في الإرادة والقدرة، وليس لمشيئة الله تعالى وقدرته فيه أثر.
والرد على الطائفة الأولى (الجبرية) بالشرع والواقع:
أما الشرع: فإن الله تعالى أثبت للعبد إرادة ومشيئة، وأضاف العمل إليه قال الله تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} وقال: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} الآية. وقال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}.
وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلم الفرق بين أفعاله الاختيارية التي يفعلها بإرادته كالأكل، والشرب، والبيع والشراء، وبين ما يقع عليه بغير إرادته كالارتعاش من الحمى، والسقوط من السطح، فهو في الأول فاعل مختار بإرادته من غير جبر، وفي الثاني غير مختار ولا مريد لما (الجزاء 6 ص 114)
تفسير وشرح الحديث التاسع:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء» وفي الباب عن أبي هريرة: «هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه» (سنن الترمذي باب ما جاء في هوان الدنيا على الله الجزء الرابع ص 560 صححه الألباني)
في هذا الحديث أيضا علاج لمن افتتن بحب الدنيا فصاحب هذا الحال يحزن حزن شديد ويجزع إذا ما ذهب عنه شيء من زخرف الدنيا. وعلى المؤمن أن لا تكون الدنيا أكبر همه حتى يصير عبدا لها 
 وجناح البعوضة المراد بها في الحديث مثال على القلة والصغر يقول الثعالبي (ثمار القلوب في المضاف والمنسوب) جنَاح بعوضة يضْرب بِهِ الْمثل فى الْقلَّة والصغر والخفة كَمَا يضْرب بمثقال ذرة (الجزء 1 ص 505)
 يقول الحريملي (الطبعة: الأولى، 1423 ه)  حقارة الدنيا عند الله تعالى، ولهذا ملَّكها تعالى في الغالب للكفار والفساق لهوانهم عليه، وحَمَى منها في الغالب الأنبياء والصالحين لئلا تُدَنَّسَهُم. وعن أَبي هريرة -رضي الله عنه -قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، يقول: «أَلا إنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إلا ذِكْرَ اللهِ تَعَالَى، وَمَا وَالاهُ، وَعالِماً وَمُتَعَلِّماً». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) فيه: ذم ما أشغل من الدنيا عن ذكر الله وطاعته، كما قال تعالى: تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون (9) وأما ما أعان على طاعة الله من الدنيا فليس بمذموم، قال تعالى: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء (الجزء 1 ص 322)
     ويقول التويجري (بيت الأفكار الدولية) وقيمة الدنيا بالمساحة: بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» أخرجه البخاري.
      وقيمة الدنيا بالنقد: بينها النبي -صلى الله عليه وسلم -كما قال جابر -رضي الله عنه -مرَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم -بِجَدْيٍ أسَكَّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأخَذَ بِأذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أيُّكُمْ يحب أنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟» فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: «أتُحِبُّونَ أنَّهُ لَكُمْ؟» قَالُوا: وَاللهِ! لَوْ كَانَ حَيّاً كَانَ عَيْبًا فِيهِ؛ لأنَّهُ أسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: «فَوَاللهِ! لَلدُّنْيَا أهْوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ» أخرجه مسلم.
وقيمة الدنيا بالوزن: بينها النبي -صلى الله عليه وسلم -بقوله: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» أخرجه الترمذي.
وقيمة الدنيا بالكيل: بينها النبي -صلى الله عليه وسلم -بقوله: «وَاللهِ مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ (وَأشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ) فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ» أخرجه مسلم (4).
أما قيمة الدنيا الزمنية: فقد بينها الله عزَّ وجلَّ بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} إن جميع ما أوتيه الخلق من الذهب والفضة، والطير والحيوان، والأمتعة والنساء، والبنات والبنين، والمآكل والمشارب، والجنات والقصور، وغير ذلك من ملاذ الدنيا ومتاعها، كل ذلك متاع الحياة الدنيا وزينتها، يتمتع به العبد وقتاً قصيراً، محشواً بالمنغصات، ممزوجاً بالمكدرات، ويتزين به الإنسان زماناً
وينبغي في الوسائل التعليمية استخدام أن يضرب الأمثلة للطلاب للتقريب وأيضا تربية النشء على تعظيم الله تعالى.
تفسير وشرح الحديث العاشر:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» (صحيح البخاري باب ليس منا من شق الجيوب الجزء 2 ص 81)
في حديث الحديث الشريف النهي عن الأفعال الدالة على التسخط والاعتراض على قدر الله تعالى وهو ما يعارض الصبر الذي لا يد للمؤمن أن يتحلى به. فالصبر صفة يستطيع الانسان أن يتحلى بها إذا تربى عليها. لأن الامراض النفسية سببها الجزع. 
إن الله تعالى قد رتب للصابر أجر عظيم إذا ما ابتلي فصبر يقول ابن تيمية (الطبعة: الأولى، 1408هـ) وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهَا الْحُسَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ، فَيَذْكُرُ مُصِيبَتَهُ وَإِنْ قَدِمَتْ، فَيُحْدِثُ لَهَا اسْتِرْجَاعًا إلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِهِ يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا». ويقول أيضا رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (1416هـ) وَهَذَا مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ مُصِيبَةَ الْحُسَيْنِ وَغَيْرِهِ إذَا ذُكِرَتْ بَعْدَ طُولِ الْعَهْدِ فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتَرْجِعَ فِيهَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لِيُعْطَى مِنْ الْأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِ الْمُصَابِ يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا. وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ بِالصَّبْرِ وَالِاحْتِسَابِ عِنْدَ حَدَثَانِ الْعَهْدِ (الجزء 35 ص 308)
 يقول ابن عثيمين (الطبعة: الأولى، 1422) وليعلم أن الناس إزاء المصيبة على درجات: الأولى: الشاكر. الثانية: الراضي. الثالثة: الصابر. الرابعة: الجازع.
أمَّا الجازع: فقد فعل محرماً، وتسخط من قضاء رب العالمين الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، له الملك يفعل ما يشاء.
وأمّا الصابر: فقد قام بالواجب، والصابر: هو الذي يتحمل المصيبة، أي يرى أنها مرة وشاقة، وصعبة، ويكره وقوعها، ولكنه يتحمل، ويحبس نفسه عن الشيء المحرم، وهذا واجب.
وأمّا الراضي: فهو الذي لا يهتم بهذه المصيبة، ويرى أنها من عند الله فيرضى رضاً تاماً، ولا يكون في قلبه تحسر أو ندم عليها؛ لأنه رضي رضاً تاماً، وحاله أعلى من حال الصابر.
ولهذا كان الرضا مستحباً، وليس بواجب.
والشاكر: هو أن يشكر الله على هذه المصيبة.
ولكن كيف يشكر الله على هذه المصيبة وهي مصيبة؟
والجواب: من وجهين:
الوجه الأول: أن ينظر إلى من أصيب بما هو أعظم، فيشكر الله على أنه لم يصب مثله، وعلى هذا جاء الحديث: «لا تنظروا إلى من هو فوقكم، وانظروا إلى من هو أسفل منكم، فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم».
الوجه الثاني: أن يعلم أنه يحصل له بهذه المصيبة تكفير السيئات، ورفعة الدرجات إذا صبر، فما في الآخرة خير مما في الدنيا، فيشكر الله، وأيضاً أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، فيرجو أن يكون بها صالحاً، فيشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة. (الجزء 5 ص 395) 
ينبغي على القائمين بالتربية الاهتمام بالمظاهر التي تدل على شيء محرم ومذموم فان التربية الإسلامية اهتمت بالظاهر والباطن ويربى في الامة الرضا والصبر.
تفسير وشرح الحديث الحادي عشر:
عن ابن عباس، قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: «يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» هذا حديث حسن صحيح "(سنن الترمذي الجزء الرابع ص 667)
في هذا الحديث الشريف تربية للقلب بصدق الاعتماد على الله تعالى. وأنه هو النافع والضار سبحانه وأيضا فيه تربية المسلم على التوحيد الالوهية والربوبية بحيث لا يطلب العون الا من الله ولا يعتقد أن غير الله تعالى يتصرف في هذا الخلق بشيء لم يكتبه الله تعالى فيما لا يقدر عليه الا الله تعالى وأيضا لا يدعو إلا الله تعالى وأيضا في هذا الحديث الشريق بيان حقيقية القضاء والقدر 
هذا الحديث العظيم يجعل القلب ينمو فيه الثقة بالله تعالى فلا يخاف إلا من الله تعالى ولا يتعلق قلبه بمخلوق ويجعله يترقب ما يفعل ويجعله دائما في قلق فالتوحيد والايمان علاجا للأمراض النفسية 
يقول ابن عثيمين (فتاوى نور على الدرب) عليه أن يسأل الله دائماً الثبات على الحق وعلى التوحيد، فإن كثيراً من الناس وإن كان معه أصل التوحيد لكن يكون هناك أشياء منقصة، وأضرب لك مثلاً شائعاً عند الناس يتهاونون به، وهو الاعتماد على الأسباب، فإن من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى قدر للأشياء أسباباً: فالمرض قدر الله للشفاء منه أسباباً، والجهل قدر الله تعالى للتخلص منه أسباباً، الأولاد قدر الله لهم أسباباً، وهلم جرّاً. فبعض الناس يعتمد على السبب: فتجده إذا مرض يتعلق قلبه تعلقاً كلياً بالمستشفى وأطبائه، ويذهب وكأن الشفاء بأيديهم، وينسى أن الله سبحانه وتعالى جعل هؤلاء أسباباً قد تنفع وقد لا تنفع، فإن نفعت فبفضل الله وتقديره، وإن لم تنفع فبعدل الله وتقديره، فلا ينبغي بل لا يجوز أن ينسى الإنسان المتسبب ويتفكر للسبب، نعم نحن لا ننكر أن السبب له تأثير في المسبب، لكن هذا التأثير إنما كان بإذن الله عز وجل، كما قال الله تبارك وتعالى في السحرة: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) قال (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ) . فالمهم أن تحقيق التوحيد هو تعلق القلب بالله تبارك وتعالى خوفاً وطمعاً، وتخصيص العبادة له وحده. (الباب كيف يحقق الانسان التوحيد الجزء 1 ص 2)
التربية الإسلامية تغرس في قلب الامة التوحيد في مواجهة مصائد الشيطان وتحديات العصر فيجب على القائمين على الشؤون التربوية تدريس مادة التوحيد والاعتناء بها كما أن للتوحيد فوائد عظيمة أهمها أنه شرط في النجاة من النار. أيضا علاج للأمراض كما ذكرنا آنفا.  
 
 
تفسير وشرح الحديث الثاني عشر:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي " (صحيح البخاري باب تمني المريض الموت الجزء 7 ص 121، صحيح مسلم باب كراهة تمني الموت لضر نزل به الجزء 4 ص 2064) 
في هذا الحديث بيان حكم شرعي وهو عدم جواز تمني الموت. ومن العلاج للأمراض النفسية هو الاعلاج عن طريق تصحيح الفكر ومن ذلك عدم التفكير في الأمر الذي يسوئك تذكره وتغير النظرة الظلامية واليأس والقنوط، ويجب علي المسلم أن يطرد الوساوس التي تأتيه بتمني الموت بالأذكار ودعاء الكرب.
يقول الغيتابى (دار إحياء التراث العربي) قَوْله: (لَا يتمنين) بالنُّون الْخَفِيفَة. قَوْله: (أحدكُم) الْخطاب للصحابة وَالْمرَاد هم وَمن بعدهمْ من الْمُسلمين. قَوْله: (من ضرّ) أَي: لأجل ضرّ أَصَابَهُ، وَهُوَ يَشْمَل الْمَرَض وَغَيره من أَنْوَاع الضَّرَر. قَوْله: (فَاعِلا) أَي: متمنياً، وَفِي رِوَايَة الدَّعْوَات: فَإِن كَانَ لَا بُد متمنياً للْمَوْت. قَوْله: (مَا كَانَت الْحَيَاة) أَي: مُدَّة كَون الْحَيَاة خيرا. (الجزء 21 ص 225) 
وَفِيه: النَّهْي عَن يَخْلُو المتمني
يقول السندي (الطبعة: الثانية، 1406)  اما يكون محسنا فَلَيْسَ لَهُ أَن يتَمَنَّى فَإِنَّهُ لَعَلَّه يزْدَاد خيرا بِالْحَيَاةِ وَأما مسيئا فَكَذَلِك لَيْسَ لَهُ أَن يتَمَنَّى فَإِنَّهُ لَعَلَّه أَنْ يَسْتَعْتِبَ أَيْ يَرْجِعَ عَنِ الْإِسَاءَةِ وَيَطْلُبُ رضَا الله تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ وَجُمْلَة اما محسنا الخ بِمَنْزِلَة التَّعْلِيل للنَّهْي وَيُمكن أَن يكون اما بِفَتْح الْهمزَة وَالتَّقْدِير اما ان كَانَ محسنا فَلَيْسَ لَهُ التَّمَنِّي لِأَنَّهُ لَعَلَّه يزْدَاد بِالْحَيَاةِ خيرا تمني الْمَوْت ( الجزء4 ص 2 )
يقول ابن عثيمين (لطبعة: الأخيرة -1413 هـ) 
     وليعلم المصاب بأي مصيبة، أن هذه المصائب كفارات لما حصل منه من الذنوب، فإنه لا يُصيب المرء المؤمن هم ولا غم ولا أذى إلا كفَّر الله عنه به، حتى الشوكة يُشاكها. ومع الصبر والاحتساب ينال منزلة الصابرين، تلك المنزلة العالية التي قال الله تعالى في أهلها: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَْمَوَالِ وَالأَْنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قالوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ} ، وكون هذه المرأة لا ترى حلاً لمشاكلها إلا الموت، أرى أن ذلك نظر خاطئ، فإن الموت لا تنحل به المشاكل، بل ربما تزداد به المصائب، فكم من إنسان مات، وهو مصاب بالمشاكل والأذى، ولكنه كان مسرفاً على نفسه، لم يستعتب من ذنبه، ولم يتُب إلى الله عز وجل، فكان في موته إسراع لعقوبته.
تفسير وشرح الحديث الثالث:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَزَالُ الْعَبْدُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ". قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَيْفَ يَسْتَعْجِلُ؟ قَالَ: " يَقُولُ دَعَوْتُ رَبِّي فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي (مسند الإمام أحمد مسند أنس بن مالك رضي الله عنه الجزء 20 ص 311)
ففي هذا الحديث اثبات الخيرية للعبد المؤمن من الله تعالى في شؤونه كلها وأن الله تعالى يستجيب الدعاء. وإن الدعاء عبادة لا يطلب إلا الله تعالى ولكن يشترط أن لا يتعجل بمعنى أن يكون واثقاً من قدرة الله تعالى ومحسن به. وهذا الهدي النبوي الكريم علاج للإحباط والقلق الذي يصيبا الانسان ينتج عنها الامراض النفسية.
ومن آدب الدعاء والتماس وقت الإجابة يقول القاسمي (الطبعة: الأولى -1418 هـ)
     وإذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب، وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة وهي: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم، وصادف خشوعا في القلب، وانكسارا بين يدي الرب، وذلّا وتضرّعا ورقّة، واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله تعالى وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنّى بالصلاة على محمد عبده صلّى الله عليه وسلّم، ثم قدّم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله وألحّ عليه في المسألة وتملّقه ودعاه رغبة ورهبة، وتوسّل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدّم بين يدي دعائه صدقة- فإن هذا الدعاء لا يكاد يردّ أبدا. ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم. فمنها ما
في السنن وفي (صحيح ابن حبان) من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سمع رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي-لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا...! فقال: لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب! 
فالعبد المؤمن قوي بالله تعالى وقد جعل الله تعالى الدعاء سلاح المؤمن يقول البدر(الطبعة: الثانية, 1423هـ) فاستعجالُ الإجابةِ آفةٌ من الآفات تمنع ترتُّبَ أثر الدعاء عليه، حيث إنَّ المستعجلَ عندما يستبطئ الإجابةَ يستحسرُ ويدعُ الدعاءَ، ويكون بذلك كما يقول ابن القيم رحمه الله: " بِمنزلةِ مَن بذرَ بذراً، أو غرَسَ غرساً فجعل يتعهده ويسقيه، فلمَّا استبطأ كمالَه وإدراكَه تركَه وأهمله ( الجزء 2 ص 33,32)
فالتربية الإسلامية تربية تعد الأمة الى التفاؤل وعدم القنوط وسوء الظن بالله تعالى. 
الحديث الخامس عشر:
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر» لا يفرك مؤمن مؤمنة) (صحيح مسلم باب الوصية بالنساء الجزء 2 ص 1091)
هذا الحديث الشريف فيه توجيه كريم بالابتعاد عن الكره الذي ينتج منه الغضب؛ الذي هو السبب الرئيس في أغلب الامراض النفسية. وتخصيصه بالزوجة هنا للملاصقة. فلا يتصور أن يعيش الانسان مع من يكره. وفي الحديث علاج للكره بأن لا يمعن الشريك النظر فيما يكرهه من الشريك الآخر. وأيضاً فيه أثبات أن المؤمن فيه خير قد يرى أو يستتر.
ويقول البدراني (الولاء والبراء والعداء في الإسلام) قوله ((لايفرك)) أي: لا يبغض، والشاهد من الحديث أنه لا يمكن الجمع بين الحب والبغض، ولهذا نص على بغض خلق منها، وأرشده إلى الاكتفاء بكره هذا الخلق، والانتباه إلى الأخلاق الحسنة الأخرى فيها، كل ذلك خوفاً من أن يتعدى الأمر إلى بغض المرأة لأنه لا يمكن أن يبغضها ويحبها في وقت واحد. (الجزء1 ص 111)
وهنا توجيه كريم بأن لا ينس المؤمن المعروف لأن الفرك كما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم الكراهية التي ينس معها الشريك صنيع شريكه وهذا هو النكران ويضح ذلك الطنطاوي (الطبعة: الأولى) لا يبغضها بغضا كليا يحمله على فراقها. أي لا ينبغي له ذلك، بل يغفر سيئتها لحسنتها، ويتغاضى عما يكره لما يحب. - والفرك البغض الكلى الذي تنسى معه كل المحاسن (الجزء3 ص 94)
على القائمين على التربية أن يستخدموا أسلوب الموازنات فالتربية الإسلامية توجه الأمة الى التوازن والاعتدال كما في هذا الحديث الشريف فالرجل لا ينظر الى الجانب السلبي فقط وإنما الى الجانب الإيجابي وأيضا ينبغي على المربيين أن يغرسوا النظرة التفاؤلية فيما بين الطلاب بعضمهم مع بعض وزرع روح الحبة والإخاء.
   
 
المبدأ الرابع ومراعاة سعة الأنفس من حيث الخطاب والتكليف والترويح
فالإسلام راعى الفروق الفردية من حيث سعة الانفس واستطاعتها وتحملها وأيضا التكليف من حيث فهمه وتطبيقه وأيضا راعى ان النفس تحتاج الى الترويح والنصوص الشرعية ظاهره في ذلك ولكن سأكتفي من النصوص الشرعية الشريفة بالذي يدلل على هذا المبدأ. 
أولاً الآيات القرآنية:
الآية الأولى:
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سورة الطلاق ﴾(سورة الطلاق آية 7)
الآية الثانية:
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾(سورة البقرة آية 49)
الآية الثالثة:
﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾(سورة يوسف آية 5)
ثانيا الأحاديث الشريفة
الحديث الأول:
أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ( صحيح البخاري باب الترغيب في النكاح الجزء ص 2 )
الحديث الثاني:
إِنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ «لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ» (مسند الإمام أحمد مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الجزء 43ص 115)
شرح وتفسير الآية الأولى:
 ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سورة الطلاق ﴾(سورة الطلاق آية 7)
   في هذه الآية الكريمة مبدأ تربوي ونفسي وهو مراعاة حال النفس وما تستطيع ومن المراعاة إعطاء كل فرد ما يناسبه ويتلاءم مع قدراته.
يقول العقل (دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية ) وإن وقع في الأمر تكليف، فلا يكلف إلا قدر الوسع، لا أنه يسمي جميع الشريعة تكليفاً، مع أن غالبها قرة العيون وسرور القلوب، ولذات الأرواح وكمال النعيم، وذلك لإرادة وجه الله والإنابة إليه، وذكره وتوجه الوجه إليه، فهو الإله الحق الذي تطمئن إليه القلوب، ولا يقوم غيره مقامه في ذلك أبداً، قال الله تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم:65]http://www.islamweb.net الجزء 3 ص 6)
شرح وتفسير الآية الثانية:
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾(سورة البقرة آية 49)
في هذه الآية الكريمة يبين الله تعالى حقيقية وهي اختلاف العباد في القدرات البدنية والعقلية يؤدى إلى اختلاف في قدراتهم في العمـلِ والكسب وتحصيل العلم، وتختلف تبـعًا لذلك واجباتهم ومسؤولياتهم.
يقول السقاف (موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net) فكل ما كلفنا الله سبحانه به من العبادات والشرائع هو مما تطيقه النفوس على وجه العموم، ثم خفف الله عن المريض والمسافر، والمسن والفقير، والمرأة والصغير، وغيرهم من أصحاب الأعذار، كل ذلك تخفيفاً وتوسعة على عباده، ورفعاً للضيق والحرج عنهم. (الجزء 2 ص 114)
 يقول الطبري (الطبعة: الأولى، 1422 هـ )ىسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} [البقرة: 284] قَالَ: قَرَأَهَا ابْنُ عُمَرَ، فَبَكَى وَقَالَ: إِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نُحَدِّثُ بِهِ أَنْفُسِنَا، فَبَكَى حَتَّى سُمِعَ نَشِيجُهُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ عِنْدِهِ، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ عُمَرَ لَقَدْ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ نَحْوًا مِمَّا وَجَدَ، حَتَّى نَزَلَتْ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}
مراعاة الفروق الفردية موضوع قد استفاض به المباحث في التربية ولكن الإسلام امتاز عن ذلك بتقريره منعها النفس قبل أن تكون القدرات العقلية. 
شرح وتفسير الآية الثالثة:
﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾(سورة يوسف آية 5)     
ففي هذه الآية الكريمة معاني تربوية ونفسية عظيمة إن الله تعالى ينقل لنا خطاب الأب المشفق على ابنه وهو الذي يعلم الحالة النفسية الصعبة التي يمر بها اخوة يوسف عليه السلام من الغيرة والحسد ولهذا نهاه أن لا يقص الرؤية التي فيها وعد من الله تعالى على فضيلته على اخوته عليه السلام 
ولكن ما سبب تلك الغيرة؟ لأن قوة الغيرة تكون على قوة المحبة فإن اخوة يوسف كانوا يجبون ابيهم عليه السلام بشدة وهذا أمراً طبيعي لما للأنبياء من صفات يمتازوا بها عن غيرهم تجلب المحبة؛ ويكفي نظرة واحدة لتفجير تلك الغيرة، ولهذا قد تجد الصغير يحسد الكبير على ما لديه من مكانة خاصة لدى والديه، أو لدى الآخرين. ففي هذه الآية الكريمة معنى تربوية فقد خاطب الأب المشفق يعقوب عليه السلام ابنه يوسف عليه السلام وراعى في ذلك الخطاب نفسية وشخصية ابنه وذلك عندما ناداه باسم البنوة وهذا من التحبب والشعور بالأهمية والاحترام والألفة والمودة بينهما، وفيه بناء الثقة معه وتدعيم العلاقة وتوثيقها أكثر.
يقول ابن كثير (الطبعة: السابعة، 1402 هـ) 
     فَخَشِيَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُحَدِّثَ بهذا المنام أحداً من إخوته، فيحسدونه على ذلك، فيبغون لَهُ الْغَوَائِلَ حَسَدًا مِنْهُمْ لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ لَهُ: {لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً} أَيْ يَحْتَالُوا لَكَ حِيلَةً يُرْدُونَكَ فِيهَا، وَلِهَذَا ثَبَتَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلْيُحَدِّثْ بِهِ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَحَوَّلْ إِلَى جَنْبِهِ الْآخَرِ، وَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وليستعد بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فإنها لن تضره»، وفي الحديث الآخر: «الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ، فإذا عبرت وقعت» (رواه أحمد وبعض أصحاب
السنن عن معاوية بن حيدة القشيري) وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ الْأَمْرُ بِكِتْمَانِ النِّعْمَةِ حَتَّى تُوجَدَ وَتَظْهَرَ،
كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ: «اسْتَعِينُوا عَلَى قَضَاءِ الْحَوَائِجِ بِكِتْمَانِهَا، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نعمة محسود». (الجزء 2 ص 240)
ينبغي على القائمين على التربية من الإباء والمعلمين مرعاه الحالات النفسية وعدم استثارة الغيرة بين الأولاد والمساوة فيما بينهم. 
شرح وتفسير الحديث الأول: 
أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ( صحيح البخاري باب الترغيب في النكاح الجزء ص 2 )
يدل هذا الحديث على فوائد كثيرة منها الحرص على اتباع السنة ومنها أن العبادة لا تصح الا بالاتباع وعدم الابتداع حتى لو كانت بصدق نية وعزيمة.
وفي هذا الحديث أهمية الترويح على النفس لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو القدوة ولا تصح العبادة إلا بتباعه قد قال إني أصوم وأفطر وأرقد واتزوج النساء وكلها من الترويح الذي تحتاجه النفس الشرية.
 يقول محسن (الطبعة: الأولى 1417هـ) فإذا كان اجتهاد الصحابة في ما لم يأمر به الله ولا رسوله خطأ وليس من الرسول إذا فعلوا ذلك، فكيف بزوائد ونقائص ما يفعلونه في هذا الزمان ويجعلونه سنة مطرودة بل أشد من السنة، لأنهم لا يُخِلُّون بالسنة، كيف يسوغ ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض: "عليكم بسنتي وسنة الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ وتمسكوا بها، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". فإنه صلى الله عليه وسلم قد عم ولم يخص بل قال: "كل بدعة ضلالة". ومن أعجب العجاب من يترك شمس الضحى ويستنير بنور السهى، يترك قول الرسول المعصوم عن الخطأ والنسيان ويستدل بقول من يجوز عليه الزلة والهفوان، ولا يؤمن عليه من الذنوب والعصيان.
فمن مهارات التربية ادخال الترويح بين الطلاب في جميع مراحلهم وهذا مبدأ إسلامي في النفس وأيضا تربية النشء على التمسك بالسنة. فالاقتصاد بالسنة خير من الاجتهاد بالبدعة.
شرح وتفسير الحديث الثاني:
إِنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ «لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ» (مسند الإمام أحمد مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها الجزء 43ص 115)
من صفات النفس البشرية أنها تمل وتفتر؛ فتحتاج إلى الترويح لتستعيد نشاطها فقد رخص الله تعالى الترويح عن النفس، وينبغي للمسلم ألا يجعلها غاية وهدفاً له ويضبطها بالشرع القويم ويحتسب الأجر بها لكي تبقى النفس نشيطة تؤدي ما أمر الله تعالى لها، صاحبت همّة وعزيمة، من اجل عمارة الأرض الذي أمرنا به. أيضاُ الترويح فيه علاج للهموم والاعباء والتكاليف التي ترهق النفس وتمرضها فشرع الله تعالى الترويح المضبط
أما كيفية الترويح المنضبط يقول حميد (دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية)
       تكون في حدود ما رسمته الشريعة من اللهو المباح، وهذا لا يكون غاية، ولا يجوز أن تتخذ غايات، ولهذا حينما أذن النبي صلى الله عليه وسلم بالرمي قال: {ارموا بني إسماعيل؛ فإن أباكم كان رامياً} وقال: {علموا أولادكم الرمي وركوب الخيل} لكنه قال في مقام آخر: {ألا إن القوة الرمي} إذاً، المقصود من الرمي هو الاستعداد للحاجة إليه حينما قرأ قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال:60] قال: {ألا إن القوة الرمي} إذاً هو وسيلة لغاية إسلامية شريفة. ومن الشيء الذي يتلهى به، وهو مباح: الصيد، والصيد فيه متعة ورياضة، وفيه كسب مشروع عليكم، فهو مباح في حدود ما أباحته الشريعة، سواءٌ كان بآلة كنبل أو رمح أو حتى ببندقية من الأشياء المستحدثة أو عن طريق الجوارح كالكلاب والصقور ونحوها، فهذا أيضاً مباح كما هو معلوم. فهذه أمور يمكن أن تكون وسيلة لتغطية الفراغ في حدود ما رسمته الشريعة، واستغلالاً للقوى وللصحة، ويبدأ بالأهم فالمهم فما دون ذلك، كما قلنا في أداء العبادات الإسلامية: الفروض العينية ثم الفروض الفائية ثم الأكثر نفعاً كطلب العلم ونحوه، ويغطي كل ذلك ويشمله الدعوة إلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا باب واسع وباب فسيح، منه ما يكون فرض عين، ومنه ما يكون فرض كفاية، ومنه ما يكون دون ذلك، ففروض الأعيان حينما تغير منكراً في بيتك، وحينما تأمر بالمعروف في بيتك، فأنت المسئول الأول، ولا تنتظر أن يأتي غيرك ليأمرك وينهاهم أو يأمر أهلك وينهاك، والدعوة إلى الله عز وجل باب مفتوح، ووسائلها كثيرة منها: الدعوة باللسان، الدعوة بالقلم، الدعوة بالفعل وبالقدوة الحسنة، وهذا هو أهمها، وهناك وسائل كثيرة.
كل ذلك مما يشغل به الفراغ، ومما تستغل فيه قوة البدن وقوة الفكر والصحة العامة.
http://audio.islamweb.net/audio/Fulltxt.php?audioid=27730
على المؤسسات التربوية وواضعي السياسة التربوية أن لا يهملوا هذا المبدأ العظيم وهو الترويح وإدخال ما يسر على المتربي حتى يكون ذلك انشط له في طلب العلم وتعديل السلوك من ذلك انشاء ملاعب وصالات رياضية. وينبغي أيضا للمربي أن لا يهمل حق المرأة في الترويح.  
المبدأ الخامس أن القرآن والسنة تأمران المسلم أن تكون النفس متفائلة غير متشائمة 
من المعلوم بالدين بالضرورة أن الإسلام يربي في الامة التفاؤل وهو أن يعش العبد بالأمل والطمأنينة 
ولا يكن متشائماً قنوط لأن ذلك يؤدي الى التعاسة والشقاء والنصوص الشرعية مستضيفة لدلالة على ذلك وسأكتفي ببعضها لضيق الوقت.
أولاً من القرآن الكريم
الآية الأولى:
﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِكَ فَمَا لِهَـؤُلاء ٱلْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً ﴾(سورة النساء آية رقم 74)
الآية الثانية:
﴿ فَإِذَا جَاءتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾(سورة الأعراف آية رقم 131) 
الآية الثالثة:
 وقال: {قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾(سورة يس آية رقم 18,)
ثانياً من الأحاديث الشريفة
الحديث الأول 
وَقَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَةَ وَلاَ صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» (صحيح البخاري باب الجذام الجزء 7 ص 126)
الحديث الثاني 
عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ (مسند البزار أول حدبت عمران الجزء 9 ص 52 وقال الهيثمي (5/ 117): " ورجاله رجال الصحيح)
وهناك نصوص كثيرة دالة على إن يكون المسلم متفائل واثقا في ربه ويجب على المربيين غرس التفاؤل في قلوب النشء يقول النجدي (كتاب التوحيد) وقول الله تعالى: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 1 وقوله: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} 2.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر" أخرجاه. زاد مسلم "ولا نوء ولا غول". ولهما عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل. قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة" 5. ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال: "ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحسنها الفأل، ولا ترد مسلما؛ فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك" (الجزء 1 ص 81)
 يقول عبد الدائم الكحيل (موقع الكحيل للاعجاز العلمي) 
     قالت الدكتورة هيلاري تنديل من جامعة بطرسبورغ: إنها عبر هذه الدراسة تريد من الناس أن يكونوا أقل سلبية بشكل عام، مشيرة إلى أن معظم الأدلة تشير إلى أن ازدياد السلبية يشكل خطراً كبيراً 
أيها الأحبة! عندما أقرأ مثل هذه الدراسات لا أملك إلا أن أقول: سبحان الله! فما من شيء يفيد الإنسان إلا وأمر الإسلام به، وما من شيء يضر الإنسان إلا نهى الله عنه. فالتفاؤل سنَّة نبوية مؤكدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التفاؤل ويعجبه الفأل الحسن. وكان دائماً يستبشر بالخير لأن الله أمره بذلك.
الرجل المتشائم. ولو تأملنا القرآن الكريم نجد آية عظيمة طالما تذكَّرتُها وقرأتُها في مواقف عديدة، فهي شفاء وعلاج بل وتساعد على الرضا بالواقع والنظر إلى كل شيء بتفاؤل، وهي وقوله تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216].
فهذه الآية هي وسيلة عمليَّة تمنحك التفاؤل حتى لو كنتَ في أصعب المواقف، فمهما أصابك من شر ومصائب فإنك بمجرد أن تستحضر هذه الآية وتعلم أن كل شيء بيد الله وأن هذا الشر ربما يكون خيراً لك في المستقبل، عندها تكون في أعلى مستويات التفاؤل، وهذا ما كان النبي عليه وأصحابه.
وقد اهتم الإسلام بالمرأة ففي القرآن سورة كاملة خصصها الله للنساء وهي سورة النساء، ونجد فيها قوله عز وجل: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: 19]. فهذه وصية للرجال بأن يستوصوا بالنساء خيراً ويعاملوهن معاملة كريمة حتى لو صدر منهن شيئاً يكرهونه، فلا يجوز للرجل أن يؤذي المرأة أو ينتقص من شأنها.
إن هذه الآية تساهم بشكل كبير في رفع مستوى التفاؤل لدى المرأة. وذلك من خلال احترام الرجل لها، فنحن المسلمون لدينا أمر إلهي بأن نعاشر النساء بالمعروف، وليدنا وصية نبوية بأن نستوصي بالنساء خيراً، ولذلك الذي يميزنا عن بقية الأمم أننا عندما نعامل النساء معاملة كريمة نكسب الأجر على ذلك، أي أن المعاشرة بالتي هي أحسن هي جزء من عبادتنا لله تعالى.
فالمرأة في الغرب تُصاب بأعلى مستويات الاكتئاب والتشاؤم بسبب العنف المنزلي والإساءة التي تتعرض لها من الرجل، وربما نعجب إذا علمنا بأنه في أمريكا وهي أكثر الدول تقدماً، هناك حادثة اعتداء جسدي يقع على المرأة في كل دقيقة (حسب آخر الإحصائيات للأمم المتحدة) ... فتصوروا كيف أن التطور العلمي لم يمنحهم المعاملة الكريمة للمرأة، على عكس الإسلام الذي يأمر بذلك!
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق